طويلة مات منها خلق كثير. قال: وزلزلت فيها الرها والرقة وحران ورأس العين وحمص ودمشق وطرسوس والمصيصة، وأذنة وسواحل الشام، ورجفت اللاذقية بأهلها فما بقي منها منزل إلا انهدم، وما بقي من أهلها إلا اليسير، وذهبت جبلة بأهلها. وفيها غازت مشاش - عين - مكة حتى بلغ ثمن القربة بمكة ثمانين درهما. ثم أرسل المتوكل فأنفق عليها مالا جزيلا حتى خرجت. وفيها مات إسحاق بن أبي إسرائيل (1) وسوار بن عبد الله القاضي، وهلال الرازي.
وفيها هلك نجاح بن سلمة وقد كان على ديوان التوقيع. وقد كان حظيا عند المتوكل، ثم جرت له حكاية أفضت به إلى أن أخذ المتوكل أمواله وأملاكه وحواصله، وقد أورد قصته ابن جرير مطولة. وفيها توفي أحمد بن عبدة الضبي (2)، وأبو الحيس القواس مقري مكة، وأحمد بن نصر النيسابوري. وإسحاق بن أبي إسرائيل، وإسماعيل بن موسى بن بنت السدي (3). وذو النون المصري، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم (4)، ومحمد بن رافع (5)، وهشام بن عمار (6)، وأبو تراب النخشبي (7).
وابن الراوندي الزنديق، وهو أحمد بن يحيى بن إسحاق أبو الحسين بن الراوندي، نسبة إلى قرية ببلاد قاشان ثم نشأ ببغداد، كان بها يصنف الكتب في الزندقة، وكانت لديه فضيلة، ولكنه استعملها فيما يضره ولا ينفعه في الدنيا ولا في الآخرة. وقد ذكرنا له ترجمة مطولة حسب ما ذكرها ابن الجوزي في سنة ثمان وتسعين ومائتين وإنما ذكرناه ههنا لان ابن خلكان ذكر أنه توفي في هذه السنة، وقد تلبس عليه ولم يجرحه بل مدحه فقال: هو أبو الحسين أحمد بن إسحاق الراوندي العالم المشهور، له مقالة في علم الكلام، وكان من الفضلاء في عصره، وله من الكتب المصنفة نحو من مائة وأربعة عشرة كتابا، منها فضيحة المعتزلة، وكتاب التاج، وكتاب الزمردة، وكتاب القصب، وغير ذلك. وله محاسن ومحاضرات مع جماعة من علماء الكلام، وقد انفرد بمذاهب نقلها عنه أهل الكلام