ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين ومائة فيها ولى السفاح عمه سليمان البصرة وأعمالها، وكور دجلة والبحرين وعمان. ووجه عمه إسماعيل بن علي إلى كور الأهواز. وفيها قتل داود بن علي من بمكة والمدينة من بني أمية، وفيها توفي داود بن علي بالمدينة في شهر ربيع الأول، واستخلف ابنه موسى على عمله، وكانت ولايته على الحجاز ثلاثة أشهر، فلما بلغ السفاح موته استناب على الحجاز خاله زياد بن عبيد الله بن (1) عبد الدار الحارثي، وولى اليمن لابن خاله محمد بن يزيد بن عبيد الله بن عبد الدار (2)، وجعل إمرة الشام لعميه عبد الله وصالح بني علي، وأقر أبا عون على الديار المصرية نائبا. وفيها توجه محمد بن الأشعث إلى إفريقية فقاتلهم قتالا شديدا حتى فتحها. وفيها خرج شريك بن شيخ المهري ببخارى على أبي مسلم وقال: ما على هذا بايعنا آل محمد، على سفك والدماء وقتل الأنفس؟ واتبعه على ذلك نحو من ثلاثين ألفا، فبعث إليه أبو مسلم زياد بن صالح الخزاعي فقاتله فقتله.
وفيها عزل السفاح أخاه يحيى بن محمد عن الموصل، وولى عليه عمه إسماعيل. وفيها ولى الصائفة من جهته صالح بن علي سعيد بن عبيد الله وغزا ما وراء الدروب. وحج بالناس خال السفاح زياد بن عبيد الله بن عبد الدار (1) الحارثي. ونواب البلاد هم الذين كانوا في التي قبلها سوى من ذكرنا أنه عزل.
ثم دخلت سنة أربع وثلاثين ومائة فيها خلع بسام بن إبراهيم بن بسام الطاعة وخرج على السفاح، فبعث إليه خازم بن خزيمة فقاتله فقتل عامة أصحابه، واستباح عسكره. ورجع فمر يملا من بني عبد الدار (3) أخوال السفاح فسألهم عن بعض ما فيه نصرة للخليفة، فلم يردوا عليه، واستهانوا به، وأمر بضرب أعناقهم - وكانوا قريبا من عشرين رجلا ومثلهم من مواليهم - فاستعدى بنو عبد الدار (4) على خازم بن خزيمة إلى السفاح، وقالوا: قتل هؤلاء بلا ذنب، فهم السفاح بقتله فأشار عليه بعض الأمراء بأن لا يقتله ولكن ليبعثه مبعثا صعبا، فإن سلم فذاك، وإن قتل كان الذي أراد. فبعثه إلى عمان وكان بها طائفة من الخوارج قد تمردوا وجهز معه سبعمائة رجل، وكتب إلى عمه سليمان بالبصرة أن يحملهم في السفن إلى