ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين ومائتين في ذي القعدة منها توجه المتوكل على الله من العراق قاصدا مدينة دمشق ليجعلها له دار إقامة ومحلة إمامة فأدركه عيد الأضحى بها، وتأسف أهل العراق على ذهاب الخليفة من بين أظهرهم، فقال في ذلك يزيد بن محمد المهلبي:
أظن الشام تشمت بالعراق * إذا عزم الامام على انطلاق فإن يدع العراق وساكنيها * فقد تبلى المليحة بالطلاق وحج بالناس فيها الذي حج بهم في التي قبلها وهو نائب مكة.
وفيها توفي من الأعيان كما قال ابن جرير:
إبراهيم بن العباس متولي ديوان الضياع. قلت: هو إبراهيم بن العباس بن محمد بن صول الصولي (1) الشاعر الكاتب، وهو عم محمد بن يحيى الصولي، وكان جده صول بكر ملك جرجان وكان أصله منها، ثم تمجس ثم أسلم على يدي يزيد بن المهلب بن أبي صفرة، ولإبراهيم هذا ديوان شعر ذكره ابن خلكان واستجاد من شعره أشياء منها قوله:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى * ذرعا وعند الله منها مخرج ضاقت فلما استحكمت حلقاتها * فرجت وكنت أظنها (2) لا تفرج ومنها قوله (3):
كنت السواد لمقلتي * فبكى عليك الناظر من شاء بعدك فليمت * فعليك كنت أحاذر ومن ذلك ما كتب به إلى وزير المعتصم محمد بن عبد الملك بن الزيات