استعدوا، فلما بلغه ذلك انصرف نحو صهبان، واجتمعت قيس وتميم، فأخرجوا ملكهم عمرو بن نابل عنهم، فلحق بصهبان، وبقي معدى كرب جد الأشعث، ملكا على ربيعة، فلما بلغ صهبان ما فعلت مضر بعماله آلى ليغزون مضر بنفسه.
وبلغ ذلك مضر، فاجتمع أشرافها، فتشاوروا في أمرهم، فعلموا أن لا طاقة لهم بالملك إلا بمطابقة ربيعة إياهم، فأوفدوا وفودهم إلى ربيعة، منهم عوف بن منقذ التميمي، وسويد بن عمرو الأسدي جد عبيد بن الأبرص، والأحوص بن جعفر العامري، وعدس بن زيد الحنظلي، فساروا حتى قدموا على ربيعة، وسيدهم يومئذ كليب بن ربيعة التغلبي، وهو كليب وائل، فأجابتهم ربيعة إلى نصرهم، وولوا الأمر كليبا، فدخل على ملكهم لبيد بن النعمان، فقتله، ثم اجتمعوا، وساروا فلقيهم الملك بالسلان، فاقتتلوا، ففلت جموع اليمن، وفي ذلك يقول الفرزدق لجرير:
لولا فوارس تغلب ابنة وائل نزل العدو عليك كل مكان وانصرف الملك إلى أرضه مفلولا، فمكث حولا، ثم تجهز لمعاودة الحرب، وسار، فاجتمعت معد، وعليها كليب فتوافوا بخزازي (1)، فوجه كليب السفاح بن عمرو أمامه، وأمره إذا التقى بالقوم، أن يوقدوا نارا، علامة جعلها بينه وبينه، فسار السفاح ليلا حتى وافى معسكر الملك بخزازي، فأوقد النار، فأقبل كليب في الجموع نحو النار، فوافاهم صباحا، فاقتتلوا، فقتل الملك صهبان، وانفضت جموعه، وفي ذلك يقول عمرو بن كلثوم:
ونحن غداة أوقد في خزازى * رفدنا فوق رفد الرافدينا فلما قتل صهبان زاد حمير قتله اتضاعا ووهنا.