فلما قرأ الكتاب استيقن بصحة الخبر، وأفظعه مسلم بن عقيل، وهانئ ابن عروة.
ثم أخبره الرسول بقتل قيس بن مسهر رسوله الذي وجهه من بطن الرمة.
وقد كان صحبه قوم من منازل الطريق، فلما سمعوا خبر مسلم، وقد كانوا ظنوا أنه يقدم على أنصار وعضد تفرقوا عنه، ولم يبق معه إلا خاصته.
فسار حتى انتهى إلى بطن العقيق (1)، فلقيه رجل من بني عكرمة، فسلم عليه، وأخبره بتوطيد ابن زياد الخيل ما بين القادسية إلى العذيب (2) رصدا له.
ثم قال له: (انصرف بنفسي أنت، فوالله ما تسير إلا إلى الأسنة والسيوف، ولا تتكلن على الذين كتبوا لك، فإن أولئك أول الناس مبادرة إلى حربك).
فقال له الحسين: (قد ناصحت وبالغت، فجزيت خيرا).
ثم سلم عليه، ومضى حتى نزل بشراة (3) بات بها، ثم ارتحل وسار.
فلما انتصف النهار، واشتدت الحر، وكان ذلك في القيظ، تراءت لهم الخيل.
فقال الحسين لزهير بن القين:
أما هاهنا مكان يلجأ إليه، أو شرف، نجعله خلف ظهورنا، ونستقبل القوم من وجه واحد؟)).
قال له زهير: بلى، هذا جبل ذي جشم، يسره عنك، فمل بنا إليه، فإن سبقت إليه فهو كما تحب.
فسار حتى سبق إليه، وجعل ذلك الجبل وراء ظهره.