قلت له: أسجد على الزفت - يعني القير -؟ قال: لا، ولا على الثوب الكرسف ولا على الصوف، ولا على شئ من الحيوان، ولا طعام، ولا على شئ من ثمار الأرض، ولا على شئ من الرياش (1).
وروى الشيخ، هذين الخبرين معلقين، عن علي بن إبراهيم بسائر الاسناد في الأول وبطريق على وحده في الثاني (2).
وغير خفي ما بين الخبر الأخيرين وبين الروايات الثلاث السالفة عن معاوية بن عمار في حكم السجود على القير من التنافي، وجمع الشيخ هنا حمل ما رواه معاوية على حال الضرورة أو التقية ويشكل لشدة بعد محمل الضرورة عن المناسبة لسوق تلك الروايات وتوقف قضية التقية على صلاحية الحديث الحسن لمعارضة الصحيح، وربما يجاب بأن ظاهر حديث هشام بن الحكم السابق في أوايل الباب وهو من واضح الصحيح يساعد الحديث الحسن من حيث دلالة سياقه وما سبق في سؤاله من طلب التفصيل لحكم ما يجوز السجود عليه وما لا يجوز على أن المقام مقام البيان والايضاح وقد حصر فيه ما يجوز السجود عليه في الأرض وبيانها غير المأكول والملبوس وظاهر أن اسم الأرض ليس بصادق على القير فلو كان خارجا من الحصر لم يسع في مقام البيان ترك التعرض له التعريف بحكمه فيصير بهذا التقرب نصا في موافقة الحديث الحسن وينبغي الشك في حصول المعارضة وللنظر في هذا الجواب مجال لا يطابق بسط المقال في تحرير مقتضى الحال وهو مبني على مقدمة غير معهودة في كلام الأصحاب ويوشك أن يكون في التنبيه عليها غنى لذوي الألباب ولكنا نذكر معها طرفا من وجه النظر.
فنقول: إن اسم الأرض بحسب العرف العام لا يطلق حقيقة على ما ينفصل من أجزائها عنها وإن لم يعرض له سوى الانفصال، وليس في كلام أهل اللغة ما ينافي حكم العرف فيه مع أن جواز السجود على الأجزاء التي هذا شأنها ليس