والذي يختلج بخاطري ترجيح القراءة للامام بقول مطلق إما لتكافؤ الأخبار في ذلك فيرجع إلى التخيير، وإما لاحتمالها من التقية ما لا يحتمله التسبيح، أو لرعاية حال المسبوق من المأمومين ولو على سبيل الاحتمال بطريق الاستحباب على النحو الذي ذكره ابن الجنيد، ومحصل كلامه في ذلك أن الامام يستحب له التسبيح إذا تيقن أنه ليس معه مسبوق وإن علم دخول المسبوق أو جوزه قرأ ليكون ابتداء الصلاة للداخل بقراءة، وفي جملة من الأخبار القريبة الاسناد وان لم تكن على أحد الوصفين شهادة على ما قلناه.
فمنها ما رواه الصدوق - رحمه الله - في كتاب من لا يحضره الفقيه عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن عمران أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام فقال: لأي علة صار التسبيح في الركعتين الأخيرتين أفضل من القراءة؟ قال: لأن النبي صلى الله عليه وآله لما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله عز وجل فدهش فقال:
(سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة (1).
وقد تضمن هذا الخبر السؤال عن علة الجهر أيضا قبل أن يسأل عن علة التسبيح وفي الجواب عن علة الجهر تصريح بأنه صلى الله عليه وآله كان إماما يصلي بالملائكة.
ومنها ما رواه الشيخ بإسناده عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن علي بن حنظلة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سألته عن الركعتين الأخيرتين ما أصنع فيهما؟ فقال: إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب، وإن شئت فاذكر الله فهو سواء، قال: قلت: فأي ذلك أفضل؟ فقال: هما والله