أبي جعفر عليه السلام قال: حج النبي صلى الله عليه وآله فأقام بمعنى ثلاثا يصلي ركعتين ثم صنع ذلك أبو بكر، وصنع ذلك عمر، ثم صنع ذلك عثمان ست سنين، ثم أكملها عثمان أربعا فصلى الظهر أربعا ثم تمارض ليشد بذلك بدعته فقال للمؤذن:
اذهب إلى علي فقل له: فليصل بالناس العصر، فأتى المؤذن عليا عليه السلام فقال له:
إن أمير المؤمنين يأمرك أن تصلي بالناس العصر، فقال: إذا إلا ركعتين كما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فذهب المؤذن فأخبر عثمان بما قال علي عليه السلام فقال:
اذهب إليه وقل له: إنك لست من هذا في شئ اذهب فصل كما تؤمر، فقال علي عليه السلام: لا والله لا أفعل، فخرج عثمان فصلى بهم أربعا، فلما كان في خلافة معاوية واجتمع الناس وقتل أمير المؤمنين عليه السلام حج معاوية فصلى بالناس بمنى ركعتين الظهر ثم سلم فنظرت بنو أمية بعضهم إلى بعض وثقيف ومن كان من شيعة عثمان، ثم قالوا: قد قضى على صاحبكم وخالف وأشمت به عدوه فقاموا فدخلوا عليه فقالوا: أتدري ما صنعت؟ ما زدت على أن قضيت على صاحبنا وأشمت به عدوه ورغبت عن صنيعة وسنته، فقال: ويلكم أما تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى في هذا المكان ركعتين وأبو بكر وعمر وصلى صاحبكم ست سنين كذلك فتأمروني أن أدرع سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وما صنع أبو بكر وعمر وعثمان قبل أن يحدث؟ فقالوا: لا والله ما نرضى عنك إلا بذلك، قال: فاقبلوا فإني مشفعكم وراجع إلى سنة صاحبكم، فصلى العصر أربعا فلم يزل الخلفاء والامراء على ذلك إلى اليوم (1).
قلت: ليس في هذا الخبر منافاة لما سلف في حديث علي بن مهزيار من الأمر بالاتمام في منى، لأن الظاهر مما هنا كون التقصير مختصا بمن يصلي بالناس، وبالجملة فبعد فرض كون الحكم في ذلك هو التخيير لا يتحقق المنافاة بمجرد الترجيح لأحد الفردين على الاخر لوجه من الحكمة وكأنها في جانب التقصير للمصلي بالناس واضحة.