الحجة الثالثة: مصير ابن عباس، رضي الله عنهما، إلى منع توريث الأخت مع البنت، استدلالا بقوله تعالى: * (إن امرؤ هلك ليس له ولد، وله أخت، فلها نصف ما ترك) * (4) النساء: 176) حيث إنه فهم من توريث الأخت مع عدم الولد امتناع توريثها مع البنت لأنها ولد، وهو من فصحاء العرب وترجمان القرآن.
وجواب هذه الحجة ما سبق في دفع الحجة التي قبلها كيف وإنه يحتمل أنه ورث الأخت عند عدم الولد بالآية، وعند وجود البنت لم يورثها بناء على استصحاب النفي الأصلي، لا بناء على دليل الخطاب، وليس أحد الامرين أولى من الآخر.
الحجة الرابعة: أن الصحابة اتفقوا على أن قوله (ص): إذا التقى الختانان، فقد وجب الغسل (1) ناسخ لقوله (ص): الماء من الماء (2) ولولا أن قوله:
الماء من الماء يدل على نفي الغسل من غير إنزال لما كان نسخا له.
ولقائل أن يقول: لا نسلم صحة الاحتجاج بخبر الواحد في اللغات، وإن سلمنا، ولكن لا نسلم أن جلة الصحابة اتفقوا على ذلك. وقول البعض لا يكون حجة على غيره، وإن سلمنا اتفاق الصحابة على ذلك، ولكن إنما حكموا بكونه ناسخا لا لمدلول دليل الخطاب، بل يحتمل أنهم فهموا من قوله (ص) الماء من الماء كل غسل من إنزال الماء، ويدل على تأكد هذا الاحتمال قوله (ص): لا ماء إلا من الماء فكان قوله:
إذا التقى الختانان، وجب الغسل ناسخا لمدلول عموم الأول، لا لمدلول دليل الخطاب وليس أحد الامرين أولى من الآخر، بل حمله على ما ذكرناه أولى، لكونه متفقا عليه، ومختلفا فيما ذكروه.