جاهلية ولا إسلام، ولم نزل هكذا، وشبك بين أصابعه (1).
فإن قيل: المتأخر إنما هو البيان المفصل، ونحن لا نمنع من ذلك، وإنما نمنع من تأخير البيان المجمل (2)، ولا دلالة لما ذكرتموه على تأخيره.
قلنا: إذا سلم عدم اقتران البيان التفصيلي بهذه الآية، فهو حجة على من نازع فيه، وهي حجة على من نازع في تأخير البيان الاجمالي، حيث إنها ظاهرة في العموم لكل ذوي القربى ولم ينقل أحد من أهل النقل وأرباب الاخبار ما يشير إلى البيان الاجمالي أيضا، مع أن الأصل عدمه، ولو كان، لما أهمل نقله غالبا وأيضا ما روي أن جبريل، عليه السلام، قال للنبي (ص): أقرأ - قال: وما أقرأ؟ كرر عليه ذلك ثلاث مرات ثم قال له: * (اقرأ باسم ربك الذي خلق) * (96) العلق: 1) (3) أخر بيان ما أمره به أولا من إجماله إلى ما بعد ثلاث مرات من أمر جبريل، وسؤال النبي، مع إمكان بيانه أولا. وذلك دليل جواز التأخير.
فإن قيل: أمره له بالقراءة مطلق، وذلك إما أن يكون مقتضاه الوجوب على الفور، أو التراخي: فإن كان الأول، فقد أخر البيان عن وقت الحاجة، وإن كان الثاني، فلا شك في إفادته جواز الفعل في الزمن الثاني من وقت الامر، وتأخير البيان عنه تأخير له عن وقت الحاجة، وذلك ممتنع بالاجماع.
فترك الظاهر لازم لنا ولكم، والخلاف إنما وقع في تأخير البيان إلى وقت الحاجة، وليس فيما ذكرتموه دلالة عليه.
قلنا: أما أن الامر ليس مقتضاه الوجوب على الفور، فقد تقدم، وإذا كان على التراخي، فلا نسلم لزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة.
قولكم إنه يفيد جواز الفعل في الزمان الثاني من وقت الامر.