وعلى هذا فلا يلزم من انتفاء الامارة في طرف الدوام انتفاء ما دلت عليه.
وذلك لا يلزم من انتفاء الحكم لدليل انتفاء الامارة الدالة عليه.
وعن قولهم إن التلاوة إذا ثبتت بعد نسخ الحكم عرضت المكلف لاعتقاد الجهل متى إذا نصب الله تعالى دليلا على نسخ الحكم، أو إذا لم ينصب؟ الأول ممنوع والثاني مسلم. وذلك، لان الناظر إذا كان مجتهدا، عرف دليل النسخ، وإن كان مقلدا فغرضه تقليد المجتهد العارف بدليل النسخ. ثم وإن كان كما ذكروه، فلا نسلم أن ذلك ممتنع في حق الله تعالى إلا على فاسد أصل من يقول بالتحسين والتقبيح العقلي، وقد أبطلناه (1).
وعن قولهم إنه ليس في بقاء التلاوة فائدة بعد نسخ الحكم أن ذلك مبني على رعاية الحكمة في أفعال الله تعالى، وهو غير مسلم (2).
وإن سلما ذلك، فلا يمتنع أن يكون الباري تعالى قد علم في ذلك حكمة استأثر بها، ونحن لا نشعر بذلك وعن قولهم إن الآية إذا نسخت عرضت المكلف لاعتقاد الجهل، إنما يلزم ذلك أن لو كان يلزم من انتفاء الدلالة على الحكم في الدوام انتفاء الحكم، وهو غير مسلم، ولا يلزم من الدليل الدال على نسخ التلاوة أن يكون دالا على نسخ الحكم.
وعن قولهم إنه لا فائدة في نسخ التلاوة مع بقاء الحكم ما سبق في قولهم إن بقاء التلاوة غير مفيد مع نسخ الحكم.