شبه الخصوم: الأولى أن من صلى، وهو يظن أنه متطهر، ولم يكن متطهرا مأمور بالصلاة، فإن كان مأمورا بها مع الطهارة حقيقة، فهو عاص آثم بصلاته، حيث لم يكن متطهرا، وإن كان مأمورا بالصلاة على حسب حاله، فقد أتى بما أمر به على الوجه الذي أمر به، ومع ذلك يجب عليه القضاء، إذ لم يكن متطهرا.
وكذلك المفسد للحج مأمور بمضيه في حجة الفاسد، ويجب عليه القضاء.
الثانية: أن الامر لا يدل على غير طلب الفعل، ولا دلالة له على امتناع التكليف بمثل فعل ما أمر به، فلا يكون مقتضيا له.
الثالثة: أن الامر، مثل النهي في الطلب، والنهي لا دلالة فيه على فساد المنهي عنه، فالامر لا يدل على كون المأمور به مجزئا.
وجواب الأولى أنا لا نسلم وجوب القضاء فيما إذا صلى على ظن الطهارة، ثم علم أنه لم يكن متطهرا، على قول لنا، وإن سلمنا وجوب القضاء، لكنه ليس واجبا عما أمر به من الصلاة المظنون طهارتها، ولا عما أمر به من المضي في الحج الفاسد، لأنه قد أتى بما أمر به على النحو الذي أمر به، وإنما القضاء استدراك لمصلحة ما أمر به أولا، من الصلاة مع الطهارة، والحج العري عن الفساد.
وعن الثانية: أنا لا نمنع من ورود أمر يدل على مثل ما فعل أولا، وإنما المدعى أنه إذا أتى المأمور بفعل المأمور به على نحو ما أمر به، امتنع وجوب القضاء بما ذكرناه من التفسير.
وعن الثالثة أنه قياس في اللغة وقد أبطلناه، وإن سلم صحته، غير أنا لا نقول بأن الامر يدل على الاجزاء بمعنى امتناع وجوب القضاء، بل امتثال الامر هو المانع من وجوب القضاء على ما تقرر وفرق بين الامرين.