بتعذره (مدفوع) بان الجزئية لا يختص اعتبارها بالنحوين المزبورين، بل لها اعتبار ثالث وهو اعتبار دخلها في المجعول عند جعل المركب واختراعه، وفى هذه المرحلة كانت مما امر رفعه ووضعه بيد الشارع فان للشارع في مرحلة جعل المركب اعتباره بنحو يدخل فيه الجزء المتعذر، كما أن له اعتباره بنحو لا يدخل فيه، وان كان منشأ هذا الاعتبار هي المصالح الواقعية، وحينئذ فإذا كانت بهذا الاعتبار من المجعولات الشرعية فلا جرم يجري فيها الاستصحاب (واما التقريب) الثاني، فيرد عليه انه لو يجدي، فإنما هو إذا كان المتعذر من غير الاجزاء الركنية، والا فيقطع بارتفاع الحكم، ومعه لابد وأن يكون الشك في البقاء متعلقا بشخص حكم آخر محتمل التحقق حين وجود الحكم الأول أو محتمل الحدوث حين ارتفاعه ولو لاحتمال حدوث مناط آخر في البين، مع وضوح الفرق بين المقام وبين استصحاب الكرية للماء، فان منشأ الشك في ذهاب الكرية هناك انما هو ذهاب البعض الذي احتمل دخله في وصف الكرية، بخلاف المقام فان منشأ الشك في وجوب البقية ليس هو تعذر الجزء، وانما منشأه هو الشك في جزئية المتعذر للمركب في حال تعذره مع الجزم بجزئيته للمركب قبل تعذره ودخله في شخص التكليف المتعلق بالمركب، ومع هذا لا مجال لمقايسته المقام بما هناك فتدبر (واما التقريب الثالث) فقد أورد عليه بأنه من أردء أنحاء المثبت، ولعله من جهة اقتضائه لاثبات كون متعلق التكليف عند تعذر الجزء، ما عدى الجزء المتعذر، والا فلا نفهم وجها لمثبتيته (ولكن) يمكن ان يقال ان المقصود في المقام من الاستصحاب انما هو مجرد اثبات التكليف للبقية، لا اثبات كون موضوع التكليف من الأول هو الواجد للجزء في خصوص حال التمكن كي يتوجه شبهة المثبتية (ولما التقريب) الرابع للاستصحاب، فالظاهر أنه لا بأس به في بعض فروض المسألة فيما كان الشك في بقاء وجوب البقية من جهة احتمال وجود مناط آخر يقتضي تبدل حده الضمني بحد آخر مستقل أو احتمال تبدل المناط السابق عند تعذر الجزء بمناط آخر مستقل يقتضي استقلال البقية في الوجوب، إذ في أمثال ذلك لا مانع من جريان الاستصحاب، لكونه من استصحاب الذات
(٢٤٨)