موضوع وحداني سار في موضوعات مسائلها بنحو تكون الخصوصيات المأخوذة في مسائلها - على فرضها - (1) من قبيل الجهات التعليلية لطرو العرض على ذات الموضوع المزبور مستقلا، نظير الفاعلية والمفعولية بالإضافة إلى عروض الرفع والنصب مثلا على ذات الكلمة، فضلا عما [إذا] لم يكن الموضوع متخصصا بالجهة التعليلية أيضا، بل لا يكون تخصصه إلا من قبل العارض وذلك مثل أبحاث علم الحساب المبحوث فيه عن الاعراض الطارية على نفس العدد - ككون العدد أوليا أو [أصم] أو كالجمع والتفريق والضرب والتقسيم واعمال الكسور - أو كأبحاث علم الهندسة المتعرض للوازم المقدار العارضة له غالبا بنفسه - كمبحث الأشكال والنظريات الهندسية، وحينئذ نقول: ان في أمثال هذه العلوم أمكن دعوى وجود موضوع وحداني للعلم المبحوث فيه عن عوارضه الذاتية ولو بجهات عديدة، بل وفيها (2) أمكن دعوى كون امتياز العلوم صورة بها (3) نظرا إلى أن غاياتها غالبا - لما كان استنباط حقائق الأشياء بلوازمها - كانت من سنخ واحد، ولا يكون مناط في تحديد غاية كل علم بحد مخصوص بحسب الظاهر إلا بامتياز موضوعاتها المختلفة بنحو التباين أو العموم والخصوص، وأين ذلك مما أشرنا إليه من العلوم الأدبية والنقلية حيث إنها في تمام المعاكسة مع العلوم السالفة، إذ علاوة على عدم موضوع وحداني فيها كانت غاياتها أيضا في كمال الامتياز بعضها عن الآخر لوضوح اختلافها سنخا، كيف; وحفظ الكلام عن الغلط غير مرتبط بسنخ حفظ فعل المكلف وهكذا بمقام حفظ الاستنباط وغير ذلك، ففي مثلها لا محيص من جعل امتياز أمثال هذه العلوم بامتياز أغراضها لا بموضوعاتها، وحينئذ لا غرو في دعوى الفرق بين
(٣٨)