فلا طريق إلى اخذ جامع بين الموضوعات المسائل المختلفة ما لم يكن لها جهة جامعة صورية من باب الاتفاق.
كما أنه لا مجال لجعل امتياز العلوم باطلاقها بتميز موضوعاتها، كيف! وفي غالب العلوم لا يكون جامع صوري بين موضوعات المسائل، إذ ترى ان الكلمة غير الكلام (1) لتقوم الكلام بنسبة معنوية خارجة عن سنخ اللفظ، وكذا التصور غير التصديق (2)، والفصاحة غير البلاغة (3)، وهكذا الامر في ذوات الأدلة التي هي موضوع علم الأصول، وفي بعض مسائل الفقه لا يتصور جامع ولو معنويا مع غيرها، [ونسبتها] كنسبة الوجود والعدم، وذلك كالصوم والصلاة مثلا بعد ما كان الصوم عبارة عن نفس التروك بشهادة انه لو تبيت في الليل ونام إلى الغروب كان صومه صحيحا بلا اشكال، وبديهي انه ليس من سنخ الصلاة وغيرها من سائل الأفعال، فحينئذ أين الموضوع الواحد الذي [تمتاز] به هذه العلوم عن غيرها؟.
وعليه فلا يبقى مجال جعل امتياز كل علم يميز موضوعه، خصوصا بعد تعريفهم إياه بما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية، إذ في أمثال ما ذكرنا من العلوم أين الموضوع الواحد الذي يبحث عن عوارضه المزبورة، لأنه ان نظرنا إلى موضوعات مسائلها المعروضة [لعوارضها] الذاتية فلا تكون الا متكثرات بلا جامع ذاتي غالبا بينها [مبحوث] عن عوارضه المذكورة، وان نظرنا إلى جامع عرضي انتزاعي بينها فهو - وان كان واحدا ولكن - لا يكون معروضا لعارض كي يبحث في العلم عن عوارضه الذاتية.
نعم ربما يكون لبعض العلوم - ككثير من العلوم الفلسفية والرياضية -