مقالات الأصول - آقا ضياء العراقي - ج ١ - الصفحة ٣٣
ومحمولاتها لا خصوص المحمولات المنتسبة، كما لا يخفى.
تذكار فيه ارشاد: وهو ان المراد من الغرض في كل شئ هو: المقصد الأصلي وما تعلق به قصده الأولي على وجه يكون داعيا إلى تحصيل مقدماته وموجبا للتوصل بها إليه، فلذا لا بد من [ترتبها] [عليه] نظرا إلى أن الإرادة التوصلية لا تكاد تتعلق الا بما يترتب عليه [ذوها] - كما سيأتي شرحه في باب المقدمة ان شاء الله تعالى - ومن هذه الجهة نلتزم بأن دائرة الغرض دائما تكون بمقدار دائرة المراد (1) ويستحيل أن يكون [أوسع] أو [أضيق]، وحينئذ فالغرض من كل مقدمة عند تعددها ليس وجود الشئ بقول مطلق لاستحالة ترتبه عليها وحدها إذ هو خلف (2)، بل لابد أن يكون الغرض منها حفظ وجود المقصد الأصلي من قبلها وسد باب عدمه من ناحيتها (3).

(1) أي المقدمات المرادة بالإرادة التوصلية.
(2) إذ المفروض ترتب الغرض على مجموع المقدمات فترتبه على أحدها خلاف الفرض. وعليه فالغرض المترتب على كل مقدمة ليس وجوده بقول مطلق بل جهة من جهات الغرض وعلى حد تعبير المصنف هو: سد باب عدم الغرض من جهة تلك المقدمة.
(3) هذه إشارة إلى جواب سؤال قد يثار في المقام وحاصل السؤال: ان المسائل المدونة في العلوم لا تنتج بنفسها الأغراض المذكورة لها، مثل: حفظ اللسان عن الخطأ في المقام - في علم النحو مثلا -، بل لابد لهذه المسائل من ضم مقدمات أخرى إليها، كتعلم تلك المسائل وإرادة تطبيقها - لتنتج الأغراض المذكورة لها. وعليه فلا وجه لما يقال من أن غرض علم النحو مثلا هو حفظ اللسان عن الخطأ في المقال. لعدم حصوله من وجود مسائل علم النحو بمجردها.
وحاصل جوابه الاجمالي: ان هذه المسائل وإن لم تنتج بمجردها - تلك الأغراض، ولكنها تشارك في تحققها. بمعنى ان وجود كل شئ باعتبار توقفه على سد جميع الأبواب التي يتطرق العدم منها إليه، وانعدام كل مقدمة من مقدمات وجوده يعني انفتاح باب من أبواب عدمه، فوجود كل مقدمة من مقدماته يعني انسداد باب من أبواب عدمه. فالمسائل بمجردها انما تسد ما يخصها من أبواب عدم الغرض. وبهذا يتضح معنى: ان كل مقدمة تسد باب عدم الغرض من ناحيتها.
واما جوابه التفصيلي فحاصله: ان غرض علم النحو - مثلا - ان كان هو حفظ اللسان عن الخطأ فالايراد عليه بأن الحفظ لا يترتب على المسائل بمجردها، بل لا بد من معرفتها وإرادة تطبيقها أيضا، مردود بأن معنى ترتب الحفظ على المسائل بمجردها حينئذ هو: انسداد ما يخصها من أبواب عدم الحفظ.
وان كان الغرض من علم النحو هو اتصاف الكلام بالصحة فهذا الغرض - وهو الاتصاف بالصحة - مترتب على ذات المسائل لا على العلم بها وإرادة تطبيقها; لان مجرد وجود القواعد النحوية يكفي لاتصاف الكلام بالصحة لو طابق تلك القواعد.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 27 29 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست