[اختيار] الله أفضلهما إذ لو فرض كون ثاني الوجودين هو الأفضل فهو المختار لأمره الايجابي دون الأول، ولو كان الأمر كما ذكر يلزم سقوط ايجابه به قهرا، فلا معنى لاختياره الثاني الأفضل في تحصل مرامه الوجوبي - كما هو الظاهر من هذا البيان.
ولذا نقول بأن مع الجزم بأفضلية كل واحد له ان يأتي بداعي الأمر الايجابي - كما أشرنا - فالمراد من قوله يختار أفضلهما انه يختار أفضل ما أمر به وجوبا، لا انه يختار [ذا فضيلة] غير واجبة، ولذا كان بناؤهم على اتيان الثاني أيضا بداعي الأمر الوجوبي، غاية الامر نحن نقول بأنه كذلك مع الجزم بالأفضلية، وإلا فمع احتماله فلا بد وأن يكون برجاء الأمر الوجوبي لا جزمه.
وعلى أي حال لا يخرج عن دعوة الأمر الوجوبي إما جزما أو رجاء.
نعم توهم الجزم به مطلقا ليس في محله - كما لا يخفى - ولا أظن ذلك أيضا من الأعاظم السابقين - كما لا يخفى -.
فان قلت: بناء على هذا لا معنى لاستحباب المعادة لان المفروض ان ما يقع امتثالا لامره الوجوبي ليس إلا الفرد المختار وان الفرد الآخر [غير] الأفضل خارج عن دائرة الأمر رأسا وان الغرض القائم بكل واحد من الفردين أيضا ليس إلا تبعا للغرض الأصلي المقصور مطلوبيته بخصوص المختار دون غيره. ولازمه حينئذ أنه لو فرض الأفضل [أول الوجودين] أين [تبقى] مطلوبية للثاني كي [تكون] المعادة [راجحة] على الاطلاق الشامل لصورة عدم أفضليته؟.
قلت: ذلك المقدار أيضا لا يقتضي الالتزام بوجوب خصوص أول الوجودين وأن الثاني ممحض في الوفاء بالمصلحة غير الملزمة ولو كان أفضل، كما هو لازم التوهم المزبور.
بل من الممكن الجمع بين الجهتين من وفاء الثاني بالمصلحة الملزمة عند