الشيعة في الطريقة على حسب ما وقع الاختلاف فيه بين المتأخرين ولا أشاروا إلى ذلك في شئ من كتبهم الأصولية - كالذريعة والعدة والغنية والمعارج وكتب العلامة وغيرها - دل ذلك على انتفاء الخلاف في ذلك وإن اختلفوا في بعض الخصوصيات حسب ما بينوا كلا منها في محله.
فما ذهب إليه الأخبارية من متأخري علمائنا: من حرمة العمل بالأدلة الظنية مطلقا ووجوب تحصيل العلم بالأحكام وانفتاح سبيله على المكلفين في المسائل الشرعية، والمنع من التقليد بالمرة، فالظاهر أنه مذهب جديد لم يذهب إليه أحد من علمائنا المتقدمين قد أحدثه مولانا محمد أمين الاسترآبادي، لزعمه أنه مذهب قدمائنا، أخذا بما يوهمه بعض إطلاقاتهم من غير إمعان النظر فيما حاولوا من ذلك، ولشبهات عرضت له قد عجز عن حلها، وزعم أنها أدلة على الطريقة التي سلكها وسنشير إليها، ونوضح القول في فسادها إن شاء الله. كيف! ولو كان ذلك مذهبا معروفا بين علماء الشيعة لذكروه في الكتب الأصولية وأشاروا إلى من خالف فيه.
فإن قلت: إن علماء الشيعة قد كانوا من قديم الزمان على صنفين: أخباري، وأصولي، كما أشار إليه العلامة في النهاية وغيره.
قلت: إنه وإن كان المتقدمون من علمائنا أيضا على صنفين، وكان فيهم أخبارية يعملون بمتون الأخبار، إلا أنه لم يكن طريقتهم ما زعمه هؤلاء، بل لم يكن الاختلاف بينهم وبين الأصولية إلا في سعة الباع في التفريعات الفقهية وقوة النظر في القواعد الكلية والاقتدار على تفريع الفروع عليها.
فقد كانت طائفة منهم أرباب النصوص ورواة الأخبار، ولم يكن طريقتهم التعدي عن مضامين الروايات وموارد النصوص، بل كانوا يفتون غالبا على طبق ما يروون، ويحكمون على وفق متون الأخبار في المسائل المتعلقة بالفروع والأصول، ولم يكن كثير منهم من أهل النظر والتعمق في المسائل العلمية ممن له سعة باع في الاقتدار على الاستدلال في المسائل الكلامية والفروع الفقهية وإن