النبوية والإمامية وتمييز الأخبار المعتبرة عن غيرها، وفي إجراء القواعد المقررة في الشريعة من أصالة البراءة والإباحة والاحتياط وغيرها من الأصول الممهدة في الشريعة.
وأما ما ذكره السيد والشيخ من المنع من الرجوع إلى الاجتهاد والأخذ بالظن في مذهب الشيعة، فالمراد بالاجتهاد هو المتداول بين العامة - أعني تحصيل مطلق الظن بالحكم - دون الرجوع إلى الأدلة الشرعية المقررة في الشريعة التي قامت عليها الأدلة، وبذل الوسع في تحصيل الظن من تلك المدارك المعينة المفيدة للعلم من جهة أخرى.
والحاصل: أن هناك اجتهادا في استخراج الأحكام ولو بمجرد الظنون العقلية ونحوها، واجتهادا في فهم الحكم واستخراجه من الأدلة المذكورة، والممنوع منه في كلامهم إنما هو الأول دون الثاني، لوضوح رجوعهم إلى الأدلة وتحصيل الظن بالأحكام الشرعية. والحكم على سبيل الظن والاستظهار عن الأدلة غير عزيز في كلام السيد والشيخ وغيرهما. وقد كان الاجتهاد في كلام الأوائل إنما يطلق على تحصيل الحكم بالوجه الأول، كما يظهر من ملاحظة كتب الأصول.
ومن ذلك: ما اشتهر في مقام دفع بعض الوجوه التخريجية أنه اجتهاد في مقابلة النص ويشير إليه ذكر القياس والرأي معه، ومقابلته بالرجوع إلى النص والتوقيف. بل في ظاهر العدة وغيره دلالة على إطلاق الاجتهاد عندهم على خصوص استنباط الحكم بالقياس.
وقد حملوا الاجتهاد الوارد في حديث معاذ على القياس، وجعلوا تلك الرواية دليلا على مشروعيته وقد ذكروه في باب القياس، وكأنها وما في معناها مما رووا هي الأصل في إطلاق تلك اللفظة على القياس والرأي. والمراد بالظن الممنوع منه هو مطلق الظن من حيث إنه ظن، حيث إن المدارك الشرعية للأحكام المقررة في الشريعة وأمور مضبوطة مقررة عند الشيعة في الجملة مقطوع بها عندهم، ولا يجوزون الرجوع إلى مطلق الظن كما جوزه أهل الخلاف.