في القوة كان الفعل مساويا للترك، وحينئذ فلا أمر ولا نهي وإلا تعلق به ما يتفرع على الجهة الغالبة، وإن أريد إثبات الوصفين المتضادين للمحيث بتينك الحيثيتين بحسب الواقع نظرا إلى تعدد الجهتين كما هو الملحوظ في المقام فهو بين الفساد سواء جعل محل الصفتين خصوص متعلق الحيثيتين أو المحيث والحيثية معا.
أما الأول فواضح والحيثية حينئذ تكون تعليلية نظرا إلى كون الحيثية المذكورة علة لثبوت الحكم في المحيث بها.
وأما في الثاني فلقيام الضدين أيضا بالمحيث المفروض في الجملة، ألا ترى أنه إذا كان الإتيان بالكون المفروض من حيث كونه صلاة واجبا والإتيان به من حيث كونه غصبا حراما ما كان نفس الكون المحيث بالحيثيتين مشتركا بين الواجب والحرام بعضا من كل منهما، فيكون واجبا محرما من حيث كونه محصلا للواجب والحرام، على أن الكلام في الاتصاف بالصفات الخارجية وهي في الحقيقة عارضة لذوات الموضوعات إذا حصلت معها تلك الحيثيات، ألا ترى أنه لو قال " الماء طاهر والملاقي للنجاسة نجس " لم يكن المقصود بذلك أن طبيعة الماء من حيث هي طاهرة وطبيعة الملاقي من حيث هي نجسة، بل المقصود منه ثبوت الحكم لأفراد الماء وأفراد الملاقي - حسب ما عرفت - وحينئذ فالمتصف بالطهارة والنجاسة ذات الماء من حيث كونه فردا من الماء وفردا من الملاقي، فلا يصح اتصافها بهما واقعا ولو مع تعدد الحيثيات والجهات المعتبرة في كل من الحكمين.
نعم، يصح اتصافهما بهما على سبيل الشأنية حسب ما يعطيه ثبوت الحكم على سبيل القضية الطبيعية - كما أشرنا إليه - إلا أنه غير مقصود في هذه المقامات، فيرجع الحال في هذه الصورة أيضا إلى الصورة الأولى وتكون الحيثية أيضا تعليلية بالملاحظة المذكورة. وكأنه إلى ما قررنا نظر المحقق الداماد حيث قال (قدس سره) في السبع الشداد: إن الوجوب والحرمة من الأمور المتضادة والحيثيات المتقابلة بالذات فلا يصح اجتماعهما في ذات فعل واحد بالشخص كهذا الكون في هذا