الصلاة وكونه جزءا منها يكون واجبا، وبملاحظة كونه عين الغصب وجزئيا من جزئياته يكون محرما، فليس الواجب والحرام حينئذ بحسب الخارج إلا شيئا واحدا، وعلى هذا فلا يكون الجهتان المذكورتان إلا تعليليتين.
بيان ذلك: أن الحيثية المعتبرة في الموضوعات قد تكون مميزة لما اعتبرت فيه بحسب الخارج، بأن يكون المحيث بإحدى الحيثيتين مغايرا في الوجود للمحيث بالأخرى، كما في ملاحظة الحيوان من حيث كونه ناطقا، وملاحظته من حيث كونه ناهقا، وضرب اليتيم من حيث كونه تأديبا ومن حيث كون ظلما، وحينئذ فلا مانع من اتصاف المحيث بالحيثيتين بالمتضادين من الجهتين المذكورتين لتغاير المتعلقين وكون الوحدة الملحوظة في الموضوع من قبيل الوحدة النوعية وقد مر أنه لا إشكال في جواز اتصافه بالحكمين المذكورين، وقد لا يكون مميزة لذات ما اعتبرت فيه من غيره بحسب الخارج، بل الذات المحيثة بالحيثيتين أمر واحد في الخارج، وحينئذ فإن ثبت الوصفان المتضادان لنفس الجهتين فلا مانع أيضا، كما تقول: إن العلم صفة كمال والفسق صفة نقص ولا مانع من قيام الوصفين بموضوع واحد - كالعالم الفاسق - فيثبت له الكمال بملاحظة الجهة الأولى والنقص بملاحظة الثانية على نحو ما ذكر في الأحكام الثابتة للقضايا الطبيعية، فإنها تسري إلى أفرادها على الوجه المذكور لا بملاحظة الواقع، ولو أريد ملاحظة ثبوت الكمال للفرد بحسب الواقع وعدمه فلا بد من ملاحظة حال الصفتين فإن تساويتا في القوة فلا كمال في ذلك الفرد بحسب الواقع بعد ملاحظة جميع صفاته، لتساقط الجهتين وإلا كان الفرد تابعا للأقوى منهما، ويجري ذلك بعينه فيما نحن فيه أيضا، إذ لا مانع من القول بكون الكون المفروض واجبا من جهة كونه جزءا من الصلاة مع قطع النظر عن كونه غصبا، وكونه محرما من حيث كونه غصبا مع قطع النظر عن كونه جزءا من الصلاة، لكن لا يفيد شئ منهما حال الفرد المذكور بحسب الواقع. فإن أريد ملاحظته على الوجه المذكور فلا بد من ملاحظة حال الجهتين في القوة والضعف فإن تساوت مصلحة الوجوب والتحريم