عندهم في الغالب بيان حكم الأفراد. وسيجئ تفصيل القول في ذلك في محله إن شاء الله تعالى.
إذا تمهد ذلك، فنقول: إن كلا من الماهيتين المفروضتين إن تعلق به الأمر والنهي من حيث حصوله في ضمن جميع الأفراد كما هو ظاهر الإطلاق، وإن كان تعلق الأمر به في ضمن أي فرد منه على سبيل العموم البدلي والتخييري بين الأفراد وتعلق النهي به من حيث حصوله في ضمن كل منها على سبيل التعيين والعموم الاستغراقي، أمكن القول بما ذكر من حصول الامتثال من جهة والعصيان من أخرى لو أتى بمورد الاجتماع. إلا أنه لا مجال للقول به، لاتحاد الكليين حينئذ في المصداق، فيلزم أن يكون ذلك الفرد الواحد مطلوبا فعله وتركه معا وهو جمع بين المتنافيين، فلا بد إذا من التزام عدم شمول الأمر أو النهي للفرد المفروض وهو المدعى. نعم، لو صح القول بثبوت الأحكام لنفس الطبائع من حيث هي حتى يكون القضايا المستفادة من الشريعة قضايا طبيعية لم يكن هناك مانع من اجتماع الطبيعة المطلوبة مع المبغوضة ولم يقض ذلك بارتكاب التقييد في شئ من الجانبين، ولا يلزم منه اجتماع المتنافيين في الفرد، لما تقرر من عدم استفادة حكم الأفراد من القضايا الطبيعية أصلا، فقد يكون حكم الفرد المفروض حكما ثالثا غير كل من الحكمين المفروضين، وقد يثبت له إذا أحد الحكمين دون الآخر - كما إذا رجح الشارع حينئذ جانب التحريم فحكم بحرمة الفرد - فإنه لا ينافي وجوب الطبيعة على الوجه المفروض أصلا، بل ولا حكمه بوجوب الفرد من حيث حصول الطبيعة المفروضة في ضمنه، فإن ثبوت شئ لشئ من جهة لا يستلزم ثبوته له في الواقع حتى ينافي ثبوت التحريم له، ألا ترى أن خيرية طبيعة الرجل من طبيعة المرأة لا ينافي خيرية كل من أفراد المرأة من كل من أفراد الرجل؟
غاية الأمر أن يكون كل من أفراد الرجل من حيث كونه رجلا خيرا من كل من أفراد المرأة من حيث كونه مرأة، وهو لا يستلزم خيريته منه بالنظر إلى الواقع، فالقول باجتماع الأمر والنهي على الوجه المذكور مما لا مانع فيه أصلا. إلا أنك قد