الجهتين والأخذ بالراجح أو الحكم بالمساواة كيف! ولو جاز حصول الوصفين في الواقع نظرا إلى اختلاف الجهتين فإما أن يتفرع عليها التكليف بالإيجاد والترك معا فيلزم التكليف بالمحال أو يتعلق بأحدهما فلا اجتماع للحكمين.
فإن قلت: إنا نقول بوجوب إيجاد الطبيعة المطلقة من غير أن يتعلق الوجوب بشئ من خصوصيات أفرادها، إذ لا يتعلق الأمر بشئ منها على ما حقق في محله.
أقصى الأمر: أنه لما توقف إيجاد الطبيعة على إيجاد واحد من الأفراد - إذ لا يمكن إيجاد الكليات إلا بإيجاد أفرادها - كان الإتيان بأحد الأفراد واجبا من باب المقدمة - وهي تحصل في ضمن الحرام أيضا، سواء قلنا بإمكان اجتماع الوجوب التوصلي مع الحرام أو قلنا بقيام الحرام مقام الواجب منها، فيكون الإتيان بالمحرم مسقطا للتكليف المتعلق بالمحلل، لحصول التوصل بالحرام - كما هو المختار حسب ما مر القول فيه - وحينئذ نقول بتحريم الفرد المفروض وحصول التوصل به إلى أداء الطبيعة الواجبة. كذا يتلخص من كلام بعض الأفاضل في المقام.
قلت: لا ريب أن الماهية متحدة مع الفرد بحسب الخارج، وليس الإتيان بالفرد في الخارج إلا عين الإتيان بالطبيعة، وليس الامتياز بينهما إلا في تحليل العقل، فكيف! يعقل أن يكون مقدمة موصلة إليه بل ليس الإتيان بالفرد إلا عين الإتيان بالطبيعة، فيكون ذلك أداءا لنفس الواجب. غاية الأمر أن عنوان الخصوصية إذا ميز في نظر العقل من عنوان الطبيعة لم يحكم بوجوبه لنفسه، بل من حيث اتحاده مع الواجب في الخارج إذ توقف حصول الواجب في الخارج على اتحاده معه، وكون الشئ بالنظر إلى بعض عناوينه مقدمة لعنوانه الآخر في لحاظ العقل لا يقضي بكون وجوب ذلك الشئ في الخارج من باب المقدمة حتى يمكن القول بصحته وسقوط الواجب بأدائه، إذ قد يكون ذلك الشئ بعينه واجبا نفسيا بملاحظة صدق ذلك العنوان عليه، ولا يمكن الحكم بتحريمه كما هو الحال بالنسبة