المقام، إذ المفروض حسن الكون الواحد وقبحه من الجهتين المفروضتين، وإن كانت إحدى الجهتين ذاتية والأخرى عرضية أو كانتا عرضيتين فلا بد من ملاحظة المعادلة أو الترجيح بين الجهتين المذكورتين، فتعدد الجهتين وتكثرهما في حدود أنفسهما لا يصحح اتصاف الكون الشخصي في المثال المشهور بالحكمين المتضادين، فإن الكون الذي يجتمع فيه الجهتان المذكورتان إن كان بملاحظة تينك الجهتين مما يتساوى وجوده وعدمه لم يتصف بوجوب ولا تحريم، وإن كان تركه راجحا على سبيل المنع من النقيض كان محرما خاصة، وإن كان بالعكس كان واجبا خاصة، واتصافه فعلا بهما معا غير معقول.
نعم يمكن اتصافه بهما على سبيل الشأنية بمعنى اتصافه بالوجوب بملاحظة الجهة الموجبة خاصة أو التحريم بملاحظة الجهة المحرمة من دون ملاحظة لكل من الجهتين والمصادفة الحاصلة في البين. فصار المتحصل أن الأمر الحاصل من المكلف في المقام أمر واحد قطعا - كما يشهد به الضرورة - وهو الكون الخاص في المثال المفروض، وله حال واحد بحسب الواقع من الحسن والقبح والرجحانية والمرجوحية بعد ملاحظة ذاته وعوارضه الحاصلة له - كما هو قضية أصول العدلية - فكيف! يعقل القول بحصول كل من الحكمين المتضادين في المقام بالنظر إلى كل من الجهتين. نعم الممكن حصولهما معا بملاحظة القضية الطبيعية المفيدة لشأنية ثبوت الحكم المذكور للكون المفروض لولا قيام المانع منه وهو خارج عن محل الكلام، إذ قد لا يحصل شئ من الحكمين للفرد المفروض أو يثبت له أحدهما خاصة من غير أن ينافي ذلك ثبوت كل من الحكمين بملاحظة خصوص كل من الجهتين مع قطع النظر عن الأخرى، إذ لا يفيد ذلك سوى شأنية ثبوت الحكم المذكور للفرد كما لا يخفى.
قوله: * (وتعدد الجهة غير مجد... الخ) *.
أورد عليه بوجهين:
أحدهما: أن ما لا يجدي في المقام هو تعدد الجهة التعليلية، إذ المانع هو