من الرواية. فما ذكره: من وضوح انتفاء السؤال عن المسألة، إن أراد به عدم سؤالهم عن خصوص حجية فهم المجتهد المطلق فمسلم، ولا يمنع ذلك من كشف الاتفاق عن قول الإمام (عليه السلام) بعد ورود ما يدل على الرجوع إلى العالم الشامل لذلك. وإن أراد عدم ورود ما يدل على حجية فهمه وجواز الرجوع إليه فممنوع، كيف! ومن الظاهر خلافه، وهو كاف في كشف الاتفاق عن قول المعصوم على مذاقه أيضا.
والحاصل: أن مقصود المصنف (رحمه الله) أن القدر المقطوع به المتفق عليه بين الكل هو حجية ظن المجتهد المطلق، وما زاد عليه لم يتفق عليه اتفاق ولم يقم عليه دليل قاطع آخر، فلا يصح الأخذ به مع انتفاء القطع بجوازه. فلو نوقش في المقام فإنما يناقش في منعه من قيام القاطع على حجية ظن غيره لا في حجية ظنه.
فما ذكره: من أن العمل بالروايات في عصر الأئمة (عليهم السلام) للرواة، غير مرتبط بمنع الاجماع على جواز الرجوع إلى صاحب القوة القوية المحيطة بمدارك الأحكام الشرعية. غاية الأمر أنه يدعى جريان الطريقة هناك على الرجوع إلى غيره أيضا، وهو كلام آخر لا ربط له بالمقام، وقد مرت الإشارة إلى ما فيه.
ثم إن الظاهر أن مقصود المصنف من " قضاء الضرورة بحجية ظن المطلق " هو أن الاضطرار إلى العمل بعد خفاء مدارك الأحكام يقضي بحجية فهم من يستنبط الأحكام منها، وإلا لزم الخروج عن الدين والقدر المتيقن من ذلك هو حجية فهم المطلق لاندفاع تلك الضرورة به دون ما يزيد عليه، وليس مقصوده شيئا من الوجهين اللذين أشار إليهما، كيف! والوجه الأول منهما ضروري الفساد، والثاني فاسد أيضا وإن سلمه المعترض، إذ لا بداهة قاضية بترجيح الناقص فهم نفسه على فهم الكامل المتدرب حتى يكون عدم جواز تقليده له من الضروريات، كيف! وقد ذهب جماعة من الفحول إلى عدم جواز ترجيح ظنه على ظن الآخر ووجوب الأخذ بقوله.
قوله: * (ومع ذلك فالحكم في نفسه مستبعد) *.