لا يخفى أنه لو كان وظيفة المتجزئ هو التقليد لم يكن من شأنه إلا الرجوع إلى المجتهد، فإذا كان ذاهبا إلى جواز التجزي وحجية ظن المتجزئ وقائلا بجواز التقليد في المسائل المتعلقة بالعمل من أصول الفقه كهذه المسألة لم يكن له بد من الحكم بعمله بمؤدى ظنه، فالاستبعاد المذكور ليس في محله.
ثم لا يذهب عليك: أن ما ذكره المصنف على فرض صحته لا يفيد كون وظيفة المتجزئ هو الأخذ بالتقليد، إذ غاية ما يلزم حينئذ بطلان الدليل الدال على وجوب رجوعه إلى ظنه، ولم يقم دليلا قطعيا على جواز أخذه بالتقليد. وكما أن رجوعه إلى ظنه يتوقف على قيام دليل قاطع قطعي عليه فكذا رجوعه إلى التقليد، ومع عدم قيام دليل قطعي عليه لا يتم الحكم بعدم جواز أخذه بظنه، بل قضية التقرير المذكور هو حجية ظنه في الجملة، إذ غاية الأمر حينئذ تخييره بين الوجهين وهو يفيد جواز رجوعه إلى ظنه أيضا فتأمل. هذا ملخص القول في مسألة التجزي.
وقد عرفت: أن المتيقن من المتجزئ هو من كان كل من استنباطه للمسائل واقتداره على ذلك جزئيا، وأما لو كانت قوته تامة مع كون الفعلية ناقصة على الوجه الذي أشرنا إليه فالذي نص عليه جماعة أنه مجتهد مطلق، كما قدمنا الإشارة إليه. وكان الفقيه الاستاد (قدس سره) ذاهبا إلى عدم حجية ظنه فما لم يكن مستنبطا لقدر يعتد به من الأحكام - بحيث يعد فقيها عرفا على نحو صدق سائر ما يشتق من أسامي العلوم على أربابها - لا حجية في ظنه بالنسبة إليه وإلى غيره.
وهو قبل البلوغ إلى تلك الدرجة ليس بفقيه ووظيفته الرجوع إلى الفقيه، لما دل على أن الناس صنفان: فقيه وغير فقيه وإن وظيفة الثاني الرجوع إلى الأول، ولأن المذكور في مقبولة عمر بن حنظلة اعتبار معرفتهم بأحكامهم (عليهم السلام) وهو جمع مضاف يفيد العموم ولا أقل من العموم العرفي، وهو غير صادق بمجرد عموم الملكة ما لم يكن عالما بالفعل بقدر يعتد به بحيث يصدق عليه عرفا أنه عارف بالأحكام. فالتفصيل بين حجية ظنه بالنسبة إليه دون غيره خارج عن الطريقة، إذ