ومن ذلك يعرف الحال في سائر فروض المسألة ومرجع ذلك إلى القول بالتخيير بين الفردين أو الأفراد على حسب ما فيها من الحلال، فهو مخير في الإقدام على كل منها على حسبه، فإذا استوفى مقدار الحلال تعين الباقي للحرام على مقتضى اختياره، فهو قول بتحريم التصرف في الجميع أيضا وإن حكم بجواز التصرف في كل واحد منها على سبيل التخيير.
ويعزى إلى بعض الأصحاب قول باستعمال القرعة في المقام، فيحكم بالحل والحرمة على حسب ما أخرجته، ومرجع هذا القول إلى الأول، فإن الظاهر منعه من التصرف قبل القرعة مطلقا. غاية الأمر أنه يقول بحصول اليقين والخروج عن الشبهة شرعا بالقرعة، وهو أمر آخر لا ربط له بالمقام.
وكيف كان فالأقوال المذكورة في المسألة أربعة: والمختار هو ما ذهب إليه المعظم.
ويدل عليه أمور:
الأول: أنه بعد حصول الاشتباه فإما أن يحكم في الظاهر بحرمة الإقدام على الأمرين وعدم جواز الإقدام على شئ منهما، أو بجواز الإقدام على الجميع فلا يحرم في الظاهر التصرف في شئ منهما، أو بجواز الإقدام على أحدهما دون الآخر، ولا سبيل إلى شئ من الوجهين الأخيرين فتعين الأول، وهو المدعى.
أما الأول فللزوم الحكم بحلية المحرم وطهارة النجس، إذ المفروض العلم بحرمة أحدهما أو نجاسته، والبناء على الثاني قاض بالترجيح بلا مرجح، إذ نسبة الإباحة والتحريم إليهما على نحو سواء. ولو فرض حصول الظن بالحل أو الحرمة فلا عبرة به في المقام، لما دل على عدم الاعتداد بالظن في مثل المقام، فإنه من جملة الموضوعات الصرفة، ولا عبرة فيها بالمظنة. ومع الغض عنه فلا يجري في جميع الصور، إذ قد يتساوى الحال بالنسبة إليهما، كما في صورة الشك وهو مندرج في محل الكلام قطعا. ويمكن الإيراد عليه بوجوه:
الأول: النقض بأن اختيار الوجه المذكور كما يقتضي الحكم بتحليل الحرام،