وأما إذا كان الموضوع غير معلوم العين وكان دائرا بين الأمر المحلل والمحرم فالظاهر اندراجه تحت الأصل المذكور فلا يجب التجسس عنه، فعلى هذا يجوز تناول المعاجين ونحوها - من المركبات التي لا يعرف أجزاؤها - قبل التفحص عنها والمعرفة بحالها وإن احتمل أن يكون بعض أجزائها مما يحرم أكله.
هذا وما ذكر من الحكم بحل المشتبه في هذه الصورة ظاهر بالنسبة إلى الحكم بحله في نفسه.
وأما بالنسبة إلى حله في العبادات إذا دار الأمر بين المنع من التلبس بها نظرا إلى احتمال منافاته لها وعدمه ففيه وجهان. وذلك كالجلد الدائر بين كونه من مأكول اللحم وغيره، أو الشعر الملاصق للباس الدائر بين الأمرين، فيحتمل اندراجه في إطلاق الرواية المذكورة فيبنى فيه أيضا على الحل والجواز حتى يتبين الخلاف، ويحتمل انصراف الرواية إلى حل الشئ وحرمته في نفسه دون كونه مانعا من صحة عمل آخر وعدمه، وكما أن الأصل في العبادات المجملة عند الدوران بين جواز فعل فيها وعدمه بحسب الحكم هو البناء على المنع، حسب ما عرفت من وجوب مراعاة الاحتياط نظرا إلى العلم بحصول التكليف والشك في أداء المكلف به، كذا الحال في صورة الشك في الحاصل في الأداء من جهة الموضوع، بل لا يتفاوت الحال في الشك المفروض بين العبادات المجملة وغيرها، إذ لا ثمرة للإطلاق بالنسبة إلى الشك الحاصل في أداء الشئ المعين أو الإتيان به لقضاء اليقين بالاشتغال في مثله باليقين بالفراغ مطلقا.
وقد يفصل في المقام بين ما إذا كان الشك المفروض قاضيا بالشك في أداء شرط من شروط العبادة - كما إذا لم يدر كون اللباس منسوجا من صوف المأكول أو غير المأكول وأراد ستر العورة الواجب في الصلاة به - وما إذا تعلق الشك بوجود المانع - كما إذا أراد لبس الثوب المفروض في الصلاة في غير ستر العورة - والفرق أن المقتضى للصحة غير ثابت في الأول للشك في وجود الشرط القاضي بالشك في وجود المشروط، فيبقى التكليف بحاله إلى أن يتحقق العلم بالفراغ، بخلاف الثاني، لوجود المقتضي هناك.