وقد يكون من جهة الجهل بحال المصداق بدورانه بين الاندراج في النوع الحلال أو الحرام مع عدم العلم بحصول النوعين في المقام بل بدوران الأمر ابتداء في الفرد الحاصل (1) بين الوجهين، كما إذا شك في كون المرأة رضيعة له يحرم عليه نكاحها، أو أجنبية يجوز له التزويج بها، أو وجد لحما ولم يدر كونها ميتة أو مذكاة، أو دار بين كونه من الحيوان المأكول أو غيره، أو رأى حيوانا وشك في اندراجه في النوع الحلال أو الحرام.
وقد يكون من جهة الجهل بتعيين الحلال والحرام.
وقد يكون من جهة امتزاج الحرام بالحلال واختلاطه بحيث لا يمكن التمييز، على نحو اختلاط الدبس أو المائع المغصوب بالمباح، وكذا السمن والطحين والسويق بل الحنطة ونحوها.
وقد يكون من جهة اشتباه الفرد الحلال بالحرام عند حصولهما معا وعدم تمايزهما في المقام، مع الجهل بالتعيين كالإنائين المشتبهين عند العلم بنجاسة أحدهما، والدرهم الحلال المشتبه بالحرام إذا علم حرمة أحدهما وحلية الآخر، ولحم الميتة والمذكاة عند اشتباه أحدهما بالآخر. وحينئذ قد يكون الأمور المردد بينها محصورة محدودة، وقد تكون غير محصورة، فهذه صور المسألة.
أما إذا كانت الشبهة من جهة طريان ما يزيل الحكم الثابت من الحل أو الحرمة، فلا ريب حينئذ في البناء على الحكم الأول حتى يثبت خلافه، سواء كان الثابت أولا هو الحل أو الحرمة من غير خلاف فيه بين الأصولية والأخبارية، فإن حجية الاستصحاب فيه متفق عليه بين الفريقين، ولا مجال لتوهم الحل في الصورة الثانية نظرا إلى عدم حصول اليقين بالحرمة حينئذ، إذ مجرد الاستصحاب لا يفيد العلم، وقد أنيط الحكم بالتحريم في الرواية المذكورة بعد الدوران بين الحل والحرمة بالعلم بالحرمة، الظاهر في اليقين فيحكم بالحل من دونه، إذ المراد من العلم في الشرعيات هو العلم الشرعي - أعني ما حصل من الدليل المعتبر عند