وقد يقال ذلك في ثبوت الحسن أيضا، إلا أن يقال: إن ثبوت الحسن لا يتوقف على العلم، إذ مع انتفاء الذم المتوقف على العلم يثبت الحسن.
غاية الأمر أن يتوقف المدح عليه، ولا يتوقف ثبوت الحسن على ترتب المدح كما عرفت، على أن توقف المدح عليه محل مناقشة أيضا كما لا يخفى.
فلا يبعد القول بثبوت الحسن في الجملة بمجرد الذات دون القبح، لتوقفه على بعض الاعتبارات كما عرفت.
ويحتمل القول بعدم صدق الكفران إلا مع العلم بالحال، وحينئذ لا ينفك عن القبح، وفيه تأمل لا يخفى.
وقد يحتج لأبي الحسين بأن القبح صفة وجودية يتوقف على صفة ثبوتية تبعث عليه بخلاف الحسن، فإنه عبارة عن كون الفعل بحيث لا يستحق فاعله الذم، وهو صفة عدمية لا يفتقر حصولها إلى صفة وجودية، بل مجرد انتفاء جهة القبح كاف فيه، ولا يخفى ما فيه، إذ كون القبح صفة وجودية لا يقتضي باستناده إلى أمر زائد على الذات، بل قد يكون نفس الذات كافية فيه، وأيضا قد يكون مستندا إلى الوجوه الاعتبارية فلا مقتضى لاستناده إلى الصفات اللازمة كما هو ظاهر ما حكي عنه، وأيضا كون مطلق الحسن مما يكفي فيه انتفاء علة القبح لا يستلزم أن يكون خصوصياته أيضا كذلك، فكيف يطلق القول بثبوت الحسن بنفس الذات، كيف؟ ومن الظاهر أن الوجوب أيضا صفة وجودية وكذا الندب، فلا بد في حصول كل منهما من الاستناد إلى صفة وجودية حسب ما قرر.
فغاية الأمر أن يكون نفس الذات كافية في ثبوت الإباحة، وقد ينزل كلام القائل المذكور على إرادة مطلق الحسن من حيث هو، وإن كان ثبوت أكثر خصوصياته متوقفا على صفات زائدة.
وفيه أيضا ما لا يخفى، إذ قد يكون الشئ في نفسه موجبا لذم فاعله ويتطرقه ثبوت المدح من ملاحظة الخارج فتغلب الجهة الخارجية على ما يقتضيه الذات، وحينئذ يكون مطلق الحسن هناك مستندا إلى الجهة الخارجية فلا تتم الكلية المدعاة.