في مادة الفكر أن المشائين ادعوا البداهة في أن تفرق ماء كوز إلى كوزين إعدام لشخصه وإحداث لشخصين آخرين وعلى هذه المقدمة بنوا إثبات الهيولي، والإشراقيين ادعوا البداهة في أنه ليس إعداما للشخص الأول وإنما انعدمت صفة من صفاته وهو الاتصال.
ثم قال إذا عرفت ما مهدناه من الدقيقة الشريفة فنقول: إن تمسكنا بكلامهم " عليهم الصلاة والسلام " فقد عصمنا عن الخطأ، وإن تمسكنا بغيره لم نعصم عنه إلى غير ذلك مما ذكره في المقام.
والمستفاد من كلامه عدم حجية إدراكات العقل في غير المحسوسات وما يكون مبادئه قريبة من الإحساس، بل وفيما يقطع به على سبيل البداهة إذا لم يكن محسوسا أو قريبا منه إذا لم يكن مما توافقت عليه العقول وتسالمت فيه الأنظار.
وقد استحسن ما ذكره غير واحد ممن تأخر عنه، وممن نص عليه الفاضل الجزائري في أوائل شرح التهذيب قال: - بعد ذكر كلام الأمين بطوله وتحقيقه في المقام بمقتضى ما ذهب إليه -.
فإن قلت: قد عزلت العقل عن الحكم في الأصول والفروع فهل يبقى له حكم في مسألة من المسائل.
قلت: أما البديهيات فهي له وحده وهو الحاكم فيها، وأما النظريات فإن وافقه النقل وحكم بحكم قدم حكمه على النقل وحده، أما لو تعارض هو والنقلي فلا شك عندنا في ترجيح النقل وعدم الالتفات إلى ما حكم به العقل. قال: وهذا أصل يبتنى عليه قواعد كثيرة.
ثم ذكر جملة من المسائل المتفرعة عليه. وقضية كلامه حجية العقل في البديهيات وعدم حجيته في النظريات غير أنه يصير معاضدا للنقل فيترجح به على ما يعارضه من النقلي الآخر.
ثم إن ما عناه من البديهي غير واضح في المقام، فإن عنى به البديهي في اعتقاد العالم وإن لم يكن بديهيا عند غيره أو لا يعلم فيه حال الغير فقد نص