وذلك لا يوجب الحكم بحسن القبيح ويدفع ذلك بأن من الظاهر انتفاء... الأفعال المذكورة، فلا معنى... (1) بثبوت القبح فيها، وكونهما أقل القبيحين فلو كان ذاتيا لها لما زال إذن... كيف؟ ولو كان القبيح باقيا فيها وكان الآتي مذموما عند العقل لزم التكليف بالمحال، وهو محال باتفاق العدلية والقائلين بثبوت العقلية. والقول بثبوت القبح فيها بملاحظة ذاتها وإن ارتفع الذم عن فعلها من جهة معارضتها بما هو أقوى في القبح فهو قول بثبوت القبح والتحسين بالعارض أيضا ويكون قولا بكونها ذاتيين بالتفسير الأخير.
وقد عرفت أنه لا ينافي القول بثبوت الحسن والقبح بالوجوه والاعتبارات بل هو قول به في الحقيقة، إذ ثبوت الحسن من جهة الذات منضما إلى عدم ثبوت ما يقتضي القبح إنما يكون بملاحظة تلك الجهة الخارجة عن الذات، فكيف مع ثبوت القبح للجهة المقتضية له كما في الفرض المذكور؟
وأورد على الثالث تارة: بالمنع من حسن الكذب في الغد، إذ الإخبار بالأمر المستقبل المتعلق بفعله إما وعد أوما هو بمنزلته، وليس التخلف في مثله مندرجا...، وكان قرينة المقام في مثله قائمة على التقييد ببقاء المشيئة.
نعم إنما يتم ذلك بالنسبة إلى العواقب كما في وعده ووعيده... على بعض الوجوه والأخبار المفروض... في حقهم فلا يتم الاحتجاج.
وأخرى: بأن ثبوت القبح للكذب وغيره من القبائح مما تعلق به الأخبار المذكورة إنما يكون بالذات فلا يزول عنه.