لم يرد علينا ذم ولا عقوبة من جهة تركه، فلا يجب الإتيان به، ومعه لا يثبت ما يتوقف عليه من وجوب الاتباع، وهو ما ذكر من الإفحام. أو يقال: وجوب النظر إلى معجزتك يتوقف على حجية قولك، وحجية قولك يتوقف على ثبوت نبوتك، وثبوت نبوتك يتوقف على النظر إلى معجزتك، فيتوقف وجوب النظر إلى معجزتك على حصول النظر إلى معجزتك وهو واضح الفساد.
وبما قررنا يتبين ضعف ما قد يورد في المقام: من أن النظر في المعجزة لا يتوقف على وجوبه، فلا مانع من حصول النظر مع عدم وجوبه، لما عرفت من أن الإفحام ليس من جهة عدم التمكن من النظر مع عدم وجوبه ولزوم دور هناك، بل المقصود أنه يجوز للأمة ترك النظر من غير حصول ذم أو ترتب عقاب عليهم، إذ لو وجب الإتيان به لكان ذلك بقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ثبوت نبوته بالنظر المفروض، وإذا كان ترك النظر إلى المعجزة جائزا كان إفحاما للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، هذا على التقرير الأول.
وعلى التقرير الثاني فاللازم منه توقف وجوب النظر في المعجزة على حصوله، وهو فاسد، إذ لا يعقل وجوب الشئ بعد حصوله. نعم لو اخذ في المقدمات توقف النظر على وجوبه أو حكم بكون النظر في المعجزة متوقفا على صدق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في دعواه وصدقه في دعواه متوقفا على النظر في المعجزة أو قيل بكون الحكم بوجوب النظر في المعجزة متوقفا على الحكم بصدق النبي (صلى الله عليه وآله) في دعواه والحكم بصدق النبي (صلى الله عليه وآله) في دعواه متوقف على وجوب النظر في المعجزة ليكون المقصود إيراد دور في المقام، ليكون النظر في المعجزة متوقفا على النظر في المعجزة، أو يتوقف وجوبه على وجوبه أو الحكم بوجوب النظر على الحكم بوجوبه صح الإيراد. لكن ليس كذلك، لوضوح فساد الدعوى المذكورة، فلا مجال لتوهم الدور، لوضوح كون أحد الطرفين وجوب النظر أو الحكم بوجوبه، والطرف الآخر الذي ينتهي إليه التوقف نفس النظر.
نعم يمكن إيراد الدور في مقام الإفحام بوجه آخر مرجعه إلى الدليل السابق