صاحب المعالم نظرا إلى ذكر ذلك في طي الأدلة على حجية خبر الواحد وعدم تعرضه للمناقشة فيه، مع أن كلامه في دفع حجية الشهرة وغيرها صريح في خلافه، وكذا الحال في ملاحظة طريقته في العمل بالأخبار وكان مقصوده بالاحتجاج المذكور بيان حجية الظن في الجملة، وأن الظن الحاصل من خبر الواحد أولى بالحجية من غيره فيتعين كونه حجة.
وكيف كان، فالقول بعدم حجية الظن إلا ما قام الدليل على حجيته مصرح به في كلام جماعة من القدماء والمتأخرين، فمن القدماء السيدان والشيخ ذكروا ذلك عند بيان المنع من العمل بالقياس حيث استندوا بعدم ورود العمل به في الشريعة فلا يكون حجة، إذ الظن إنما يكون حجة مع قيام الدليل عليه. وقد يعزى القول بذلك إلى الحلي والمحقق، ومن المتأخرين المحقق الأردبيلي وتلميذه السيد وصاحب الذخيرة فيما حكي عنهم، وبه نص صاحب الوافية حيث قال فيه بعد ذكر احتجاج القائل بحجية الاستصحاب بأنه مفيد للظن للبقاء.
وفيه: أنه بناء على حجية مطلق الظن وهو عندنا غير ثابت واختار ذلك جماعة ممن عاصرناه من مشايخنا منهم الاستاذان الأفضلان تغمدهما الله برحمته، والمختار عند جماعة آخرين من أفاضل العصر هو حجية الظن المطلق إلا ما خرج بالدليل منهم المحقق البهبهاني (قدس سره) وتلميذاه السيدان الأفضلان صاحب الرياض وشارح الوافية وتلميذه الفاضل صاحب القوانين (قدس سرهم)، ولا نعرف القول به صريحا لأحد ممن تقدمهم.
نعم ربما يستظهر ذلك من الشهيد في الذكرى بل العلامة وصاحب المعالم حسب ما أشرنا إليه، وقد عرفت ما فيه والظاهر أن طريقة الأصحاب مستقيمة على الأول، ولذا لا ترى منهم الاتكال على الشهرات ونحوها مما يقول به القائل بحجية مطلق الظن، بل جماعة منهم يصرحون بخلافه حتى أن الشهيد (رحمه الله) مع استقرابه حجية الشهرة لا يعهد منه الاستناد إليها في المسائل مع كثرتها وحصولها في كثير من الخلافيات. نعم ربما يوجد نادرا في بعض كلماته الاستناد إليها