المهمة في استنباط الأحكام الفرعية، ولما كانت تلك المسألة من أمهات المسائل الأصولية، بل كان عليها أساس استنباط الأحكام الشرعية لم يكن بد من تفصيل الكلام فيها، وإشباع القول في وجوهها، وبيان أدلتها، وتميز صحيح المذهب من المزيف منها.
فنقول: إن الذي يستفاد من كلام المعظم هو البناء على الوجه الثاني، بل لا يبعد دعوى اتفاقهم عليه حيث إنه جرت طريقتهم على إثبات حجية كل من الظنون الخاصة بأدلة مخصوصة ذكروها في الباب المعد له ولو بنوا على حجية مطلق الظن لأثبتوا ذلك وقرروه واعتنوا ببيانه.
ثم بنوا عليها تلك المسائل من غير أن يحتاجوا في إثبات حجية كل منها إلى تجشم ذكر الأدلة، بل كان المتوقف على الدليل بعد تأصيل ذلك الأصل الأصيل هو بيان عدم الحجية في ما لم يقولوا بحجيته من الظنون، مع أن الأمر بالعكس، فإنهم في بيان الحجج يفتقرون إلى الاستناد إلى الأدلة لا في بيان عدم الحجية ولم يعرف منهم الاستناد في الحكم بحجية تلك الظنون إلى القاعدة المذكورة، ولو قالوا بها لكان ذلك رأس الأدلة المذكورة في كلامهم وأصلها المعول عليه عندهم.
نعم ربما يوجد الاستناد إليه في كلام آحاد منهم في طي الأدلة على سبيل الندرة كما في النهاية في بيان حجية أخبار الآحاد، وذلك مما لا يثبت به المذهب فإن طريقته (قدس سره) ضم المؤيدات إلى الأدلة والاستناد في كتبه إلى وجوه موهونة لا يقول بحجيتها أحد من الفرقة، وإنما يأتي بها تأييدا للمرام أو من جهة إيراد الحجة على المخالفين ممن يقول بحجيته في مثل ذلك.
ومن هنا توهم بعض القاصرين ذهابه إلى حجية مثل تلك الوجوه ففتح باب الطعن عليه وعلى نظائره بأنهم يعملون بقياسات عامية واستحسانات عقلية، وليس الأمر كما توهم، بل ما يوجد من أمثال ذلك في كلامهم مبني على أحد الوجهين المذكورين كما لا يخفى على من مارس كلماتهم، فإسناد القول المذكور إلى العلامة (رحمه الله) لما ذكر كما يستفاد من بعضهم ليس على ما ينبغي، وكذا إسناده إلى