الكذب أو الغلط في الفهم أو في سماع اللفظ بالنظر إلى الجميع، بل لو سمعوه من الثقة اكتفوا به، والقول بإفادة قول الثقة القطع بالنسبة إلى السامع منه بطريق المشافهة، نظرا إلى أن العلم بعدالته والوقوف على أحواله يوجب العلم العادي بعدم اجترائه على الكذب كما هو معلوم عندنا بالنسبة إلى كثير من الأخبار العادية سيما مع انضمام بعض القرائن القائمة مجازفة بينة، إذ بعد فرض المعرفة بالعدالة بطريق اليقين مع عدم اعتبارها في الشرع المبين كيف يمكن دعوى القطع مع انفتاح أبواب السهو والنسيان وسوء الفهم، سيما بالنسبة إلى الأحكام البعيدة عن الأذهان كما نشاهد ذلك في أفهام العلماء فضلا عن العوام؟ مضافا إلى قيام احتمال النسخ في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) في كل آن، ومع ذلك لم يوجب على جميع أهل بلده التجسس بما يفيد العلم بعده في كل زمان، بل كانوا يبنون على الحكم الوارد إلى أن يصل إليهم نسخه، هذا كله بالنسبة إلى البلدة التي فيها الرسول والإمام (عليهما السلام) فكيف بالنسبة إلى سائر الأماكن والبلدان سيما الأقطار البعيدة والبلاد النائية؟
ومن الواضح أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يكتفي منهم بالأخذ بالأخبار الواردة عليهم بتوسط الثقات كما تدل عليه آية النفر والطريقة الجارية المستمرة المقطوعة، ولم يوجب (صلى الله عليه وآله) يوما على كل من لم يتمكن العلم من المهاجرة ونحوها، أو أخذ الأحكام على سبيل التواتر ونحوه. وكذا الحال في الأئمة (عليهم السلام) وذلك أمر معلوم من ملاحظة أحوال السلف والرجوع إلى كتب الرجال وإنكاره يشبه إنكار الضروريات، وليس ذلك إلا للاكتفاء بالأخذ بطرق ظنية.
ودعوى حصول العلم بالواقع من الأمور البعيدة خصوصا بالنسبة إلى البلاد النائية، سيما بعدما كثرت الكذابة على النبي والأئمة صلوات الله عليهم حتى قام (صلى الله عليه وآله وسلم) خطيبا في ذلك، ونادى به الأئمة (عليهم السلام) كما يظهر من ملاحظة الأخبار.
وما يتراءى من دعوى السيد وغيره إمكان حصول القطع بالأحكام في تلك الأعصار مما يقطع بخلافه، ويشهد له شهادة الشيخ (رحمه الله) وغيره بامتناعه. والظاهر أن تلك الكلمات مؤولة بما لا يخالف ما قلناه، لبعد تلك الدعوى من أضرابه. ومما