بكونه حقيقة في الاستغراق من جهة الوضع الجديد للهيئة التركيبية قال: الظاهر أن هذا وضع مستقل للهيئة التركيبية على حدة، وصار ذلك سببا لهجر المعنى الذي كان يقتضيه الأصل المقرر في المقدمات من إرادة جنس الجمع على طريق المفرد المحلى، وكيف كان فالدليل قائم على كونه حقيقة في العموم فيكون في غيره مجازا، والدليل: الاتفاق ظاهرا، والتبادر، وجواز الاستثناء مطردا انتهى.
ويرد عليه أمور:
أحدها: أن ما ذكره من أن قضية وضع اللام والجمع كون الجمع المحلى لتعريف جنس الجماعة غير ظاهر ولو من جهة ظهوره في ذلك، فإنه إنما يتم إذا قلنا بوضع الجموع لطبيعة الجمع وقد عرفت وهنه، وأن الظاهر وضعها لخصوص الآحاد سواء قلنا بكون الوضع فيها عاما والموضوع له خصوص كل مرتبة مرتبة أو الموضوع له هو مصداق الجماعة أعني خصوص الوحدات كائنة ما كانت ليكون الموضوع له كليا أيضا كما هو الأظهر - حسب ما مرت الإشارة إليه - وأين ذلك من وضعها لجنس الجماعة ليكون المستفاد منها بعد دخول اللام عليها الإشارة إلى جنس الجماعة حسب ما ادعاه. بل لا يبعد القول بكون المفرد الحاصل في ضمنها موضوعا بإزاء المعنى الجنسي، وأداة الجمع حرفا موضوعا بالوضع المرآتي لإفادة الفردية، وفي الجموع المكسرة بكون المادة والهيئة ملحوظة على الوجه المذكور على نحو مواد الأفعال وهيئاتها - حسب ما مر بيانه - وحينئذ فلا يعقل ورود التعريف على معنى الجمعية في المقام لكونه من المعاني الحرفية الغير القابلة للتعريف.
ثانيها: أن الأوضاع الطارئة للهيئات التركيبية ينبغي أن لا تنافي أوضاع المفردات ليصح ضم مفاد الهيئة الطارئة على الأجزاء إلى ما يستفاد منها، والمفروض في المقام خلاف ذلك. فالظاهر أنه أراد بالهيئة التركيبية مجموع اللفظين لا نفس الهيئة الطارئة عليها حال اجتماعهما، فيكون ذلك من قبيل وضع عبد الله في حال العلمية الناسخة لأوضاع مفرداته، ويشير إلى ذلك ما ذكره من