ضمن جميع الأفراد أو بعضها، فالأول لتعريف الحقيقة والثاني للاستغراق والثالث للعهد الذهني، والجميع يندرج في تعريف الجنس وحكي القول به من العلامة التفتازاني والمحقق الشريف، والوجه فيه ما عرفت من وهن إرجاع العهد إلى الجنس فهما معنيان مستقلان، والظاهر من ملاحظة الإطلاقات كونها حقيقة في كل منهما، على أن كونه حقيقة في تعريف الجنس في الجملة مما لا كلام فيه، وإرادة العهد أوضح منه مع وجود المعهود، حيث إنه أقرب إلى الفهم، ولذا يقدم حينئذ على الجنس فيكون أولى بثبوت الوضع له. وإنما أرجعوا الاستغراق إلى الجنس نظرا إلى أن حضور الطبيعة يكون سببا لإحضار أفراده في الذهن عند قيام القرينة الباعثة على الانتقال وجميع الأفراد أمر متعين في الذهن، فيعرف حينئذ بتعريف الجنس وقد عرفت الحال في سهولة الأمر في إرجاع العهد الذهني إلى تعريف الطبيعة.
وفيه: أولا ما عرفت من وهن إرجاع الاستغراق إلى الجنس في الجمع المعرف، وأنه في كمال البعد، بل الظاهر أنه ظاهر الفساد. نعم يحتمل القول به بالنسبة إلى المفرد المعرف إذا أريد به الاستغراق - حسب ما مرت الإشارة إليه - وذلك على فرض تسليمه لا يقضي بإرجاع الاستغراق مطلقا إلى الجنس.
وثانيا ما سيجئ الإشارة إليه من بعد القول بالاشتراك في المقام.
ثالثها: أنها موضوعة لكل من المعاني المذكورة من غير إرجاع شئ منها إلى الآخر فتكون مشتركة بينها لفظا، حكاه بعضهم عن ظاهر كلام العلامة التفتازاني في بعض تصانيفه، والوجه فيه أنها معان مستقلة يستعمل اللفظ فيها ويراد منه إفهامها، فإرجاع بعضها إلى البعض تكلف مستغنى عنه، وظاهر الاستعمالات كونها حقيقة في الجميع، إما لترجيح الاشتراك على المجاز، أو لاستظهار ذلك من ملاحظة موارد استعمالها.
ويضعفه ما عرفت من ظهور إرجاع العهد الذهني إلى الجنس، وأن القول باشتراكها بين تلك المعاني خلاف الظاهر، بل الظاهر وضعها لمعنى وحداني جار في الجميع حسب ما يأتي الإشارة إليه.