رابعها: أنها موضوعة لتعريف الجنس خاصة فاستعمالها في غيره من المعاني مجاز، من غير إرجاع شئ من المعاني المذكورة إلى آخر، ذهب إليه غير واحد من متأخري المتأخرين، إلا أنه جعل الجمع المحلى باللام موضوعا للعموم بوضع جديد - حسب ما يجئ تفصيل القول فيه - والوجه فيه أن المتبادر من المعرف باللام هو تعريف الجنس فيكون حقيقة فيه مجازا في غيره، لرجحان المجاز على الاشتراك، ولتبادر الغير الذي هو من أمارات المجاز. ومن يدعي كونه حقيقة في العهد والاستغراق لا بد له من إثبات وضع جديد للهيئة التركيبية وأنى له بذلك.
نعم لا يبعد القول به في الجمع المعرف بالنسبة إلى الاستغراق لما دل عليه مما سيجئ ذكره.
ويضعفه: أن تبادر الجنس من المعرف باللام إنما هو في خصوص الفرد مع انتفاء العهد، وليس ذلك من جهة وضع اللام لخصوص تعريف الجنس بل لكونه موضوعا لمطلق التعريف ووضع مدخوله للجنس فيفيد لذلك تعريف الجنس، فلا يدل ذلك على وضعها لخصوص تعريف الجنس، كيف! وكون استعماله في العهد حقيقة مما لا يعتريه ريب عند ملاحظة العرف. وهو الذي يستفاد من كلام أهل العربية بل الظاهر تقديمه على غيره - كما يأتي - وكذا الحال في الاستغراق بالنسبة إلى الجمع بعد انتفاء العهد من غير حاجة إلى التزام وضع فيه للهيئة التركيبية كما ادعاه وقد عرفت الحال في إرجاع العهد الذهني إلى تعريف الجنس.
خامسها: ما احتمله بعضهم في المقام وهو أن يجعل كل من الجنس والاستغراق والعهد معنى برأسه ويرجع العهد الذهني خاصة إلى الجنس.
وهذا الوجه أقرب من الوجوه المتقدمة إلى ظاهر الاستعمالات. فإن قيل بوضعها لما يعم الجميع من غير أن يكون مشتركا لفظيا بينها فهو التحقيق في المقام - كما سنبينه - وإن قيل باشتراكها لفظا بين المعاني الثلاثة فهو - بعد مخالفته للأصل - موهون بأن تلك الخصوصيات مما لا دلالة في اللام عليها ولا يستعمل في خصوص شئ منها.