محالة تنصرف الإشارة إليها، فيكون المراد بالجمع هو تلك الآحاد، وتكون اللام تعريفا لها وإشارة إليها، فإن الإشارة إنما تنصرف مع الإطلاق إلى ما هو أعرف في نظر العقل وأبين من غيره، ولا قاضي حينئذ بانصرافها إلى العموم، فإنها إنما كانت تنصرف إليه من الجهة التي قررناه وهي غير جارية في مقام وجود المعهود. فهذا هو الوجه في ظهوره في العهدية مع وجود المعهود على الوجه المذكور لا من جهة حصول قرينة على إرادته له ليكون فهمه متوقفا على قيام القرينة ليجعل ذلك شاهدا على مجازيته - كما قد يتوهم - فظهر بما قررناه أن إرادة العهد منه جارية على الظاهر لا خروج فيها عن قانون الوضع بالنظر إلى اللام ومدخولها. وذلك هو الوجه في تقييدهم إفادته العموم بانتفاء العهد في المقام.
وأما تبادر العموم منه: فقد عرفت الوجه فيه، وأنه غير مستند إلى نفس اللفظ بل مبني على ظهوره نظرا إلى الوجه المذكور. ومنه يظهر الحال في حسن الاستفهام، فإنه مبني على انفهام العموم وهو حاصل من الجهة التي قررناه، فلا دلالة في شئ من الوجوه المذكورة على مجازيته في غير العموم، بل هو حقيقة في العهد قطعا لما عرفت من انتفاء التجوز بالنسبة إلى اللام ومدخولها، بل يتقدم الحمل عليه على الحمل على العموم، ولذا قيدوا إفادته العموم بانتفاء العهد.
وأما استعماله في الجنس كما في قولك: " فلان يركب الخيل أو يتزوج الأبكار " فهل هو على وجه الحقيقة أو المجاز؟ وتوضيح الكلام في ذلك يتوقف على تصوير استعماله فيه فنقول: إن إرادة الجنس في المقام يتصور على وجوه:
منها: أن يراد بالجمع مفهوم الجماعة ويكون اللام إشارة إليها وآلة لتعريفها فيكون مؤداه تعريف جنس الجماعة. وهذا الوجه هو الذي نص غير واحد من متأخري المتأخرين على ظهوره من لفظ الجمع المعرف بناء على بقاء كل من اللام والجمع على معناه الأصلي وعدم طرو وضع آخر عليهما، فيكون استعماله في الجنس على الوجه المذكور مبنيا على ملاحظة وضعه الأولى.
وقد عرفت وهنه مما بيناه، إذ ليس معنى الجمع مفهوم الجماعة ليرد التعريف