بالنسبة إلى مقتضاه فإنا نعلم بالضرورة من المذهب حرمة العمل على مؤدى القياس فنعلم أن حكم الله غيره وإن لم نعلم أنه اي شئ هو ففي تعيينه يرجع إلى سائر الأدلة وإن كان مؤداها عين مؤداه فليتأمل فإنه يمكن منع دعوى بداهة حرمة القياس حتى في موضع لا سبيل إلى الحكم إلا به فإن قلت لو لم يحصل الظن بشئ حين انسداد باب العلم حتى بالقياس أيضا فما المناص في العمل والتخلص عن لزوم تكليف ما لا يطاق فإن عملت بأصل البراءة حينئذ فلم لم تعمل به أولا قلت المناص حينئذ هو المناص حين تعارض الأدلة لمن لم يرجح شيئا مع وجود الأدلة المعلومة الحجية فيتوقف في الفتوى أو يبني على أصل البراءة وكذلك في الظنون الغير المعلوم الحجية إذا تعارضت أو فقدت فقد يتوقف أو يعمل على أصل البراءة وعدم جواز العمل بأصل البراءة أولا لان الثابت من الأدلة ان جواز العمل عليه موقوف على اليأس من الأدلة بعد الفحص فكما يعتبر العمل عليه بعد اليأس عن الأدلة في الأدلة الاختيارية فكذا الحال في الأدلة الاضطرارية فإن قلت ما ذكرت من منع بقاء الحرمة عند انحصار العمل في مثل القياس مثلا أو غيره من الظنون التي لم يثبت حرمتها بالخصوص أيضا يدفعه منع بقاء التكليف حينئذ أيضا قلت ما دل على حرمة العمل بالقياس وغيره من الظنون أيضا ليس بأقوى دلالة وأشمل افرادا وأوقاتا مما دل على بقاء التكليف إلى آخر الأبد فغاية الامر عدم الوجوب فما الدليل على الحرمة ثم أجدد المقال في هذا المجال ليظهر جلية الحال وأقول غير آل جهدي في إقامة الدليل على الظنون وإثبات العلم في حجية بعضها بالخصوص مميزا إياها عن غيرها أنه لا ريب ولا شك أن الله بعث رسولا وأنزل كتابا وسنن شرايع وأحكاما وأراد من عباده العمل عليها وطريق إبلاغ الاحكام إلى العباد على ما هو وفق مجرى عادته تعالى إنما هو بالنطق والكلام غالبا ونطقه تعالى مع عباده ليس إلا بلسان رسوله اما بتلاوة كتابه عليهم أو بحكمه بنفسه وبيانه إياها بلسانه الشريف فما حصل العلم بمراد الله تعالى للمخاطبين المشافهين من الكتاب أو سنته صلى الله عليه وآله فلا كلام فيه وفي أنه حجة على العباد ويجب متابعتهم وحصول العلم من الخطاب ولو بضميمة المقام مما لا يداني إمكانه ريب ولا شك وكذلك ما حصل الظن به لهم من العمل على مقتضى الحقايق والمجازات بحمل الألفاظ على حقايقها عند عدم القرينة على خلافها والبناء على القرائن في الحمل على المعاني المجازية لان ذلك كان طريقة العرف والعادة من لدن خلقة آدم عليه السلام إلى يومنا هذا وإنهم كانوا يبنون المحاورات على (ما لا)؟
يعلم ذلك بملاحظة أحوال العرف والعادة علما وجدانيا فالشارع اكتفى في المحاورات مع أصحابه بما حصل لهم الظن به في التكاليف أيضا والسر في ذلك مع أن المحقق عند أصحابنا هو التخطئة وإن حكم الله الواقعي واحد في نفس الامر أن عمدة العماد في التدين والايمان بالله هو أصل التوحيد وخلع