نفس الامر أو عادل والواسطة إنما تحصل بين من علم عدالته ومن علم فسقه وهو من يشك في كونه عادلا أو فاسقا وذلك الواسطة إنما هو في الذهن لا في نفس الامر وبالجملة تقدم العلم بالوصف لا مدخلية له في ثبوت الوصف والواجبات المشروطة بوجود شئ إنما يتوقف وجوبها على وجود الشرط لا على العلم بوجودها فبالنسبة إلى العلم مطلق لا مشروط مثل أن من شك في كون ماله بقدر استطاعة الحج لعدم علمه بمقدار المال لا يمكنه أن يقول إني لا أعلم إني مستطيع ولا يجب علي شئ بل يجب عليه محاسبة ماله ليعلم أنه واجد للاستطاعة أو فاقد لها نعم لو شك بعد المحاسبة في أن هذا المال هل يكفيه في الاستطاعة أم لا فالأصل عدم الوجوب حينئذ فمقتضى تعليق الحكم على المتصف بوصف في نفس الامر لزوم الفحص ثم العمل على مقتضاه فإذا قيل أعط كل بالغ رشيد من هذه الجماعة درهما يقتضي إرادة السؤال عمن جمع الوصفين لا الاكتفاء بمن علم اجتماعهما فيه ويؤيده التعليل المذكور في الآية فإن الوقوع في الندم يحصل بقبول خبر من كان فاسقا في نفس الامر وإن لم يحصل العلم به فيه وأما خبر العدل وإن ظهر كذبه فيما بعد فلا يذم عليه ولا ذم فيه على عدم الفحص لأنه عمل على مقتضى الدليل ومقتضى طريقة العرف والعادة بخلاف مجهول الحال ومن حكاية التعليل يظهر أن في صورة فرض ثبوت الواسطة أيضا لا يجوز العمل لعدم الاطمينان بخبر مثله فهو قد يوجب الندم أيضا مع أن العلم بتحققها متعذر لعدم إمكان العلم بانتفاء المعاصي الباطنية عادة وقد تصدى بعضهم لبيان أن المراد الفاسق النفس الأمري بما لا كرامة فيه فقال إذا علق أمر بشئ فالظاهر أن المراد ما هو مدلول ذلك الشئ بحسب الواقع فإذا قيل زيد صالح أو فاسق أو شاعر أو كاتب فالمراد اتصافه بالصفة المذكورة بحسب نفس الامر لا بحسب معتقد المخاطب وإلا انتفى من الكلام الذي لا قرينة على إرادة إفادة معنى الخبر المتعارف إفادة معنى الخبر وانحصر الإفادة حينئذ في إفادة لازم معنى الخبر وأيضا لو كان المراد هو مدلول الكلام بحسب معتقد المخاطب لصح للمخاطب الجزم بكذب المتكلم بمحض عدم اعتقاده بما أخبر به وأيضا ليس إثبات المتكلم تحقق صلاح زيد مثلا في نفس الامر إثباتا لما أخبر به وأيضا لا يصح طلب الدليل عما أخبر به لأنه حينئذ بمنزلة أن يقول أقم الدليل على بأني معتقد بصلاح زيد وبطلان اللوازم أظهر من أن يحتاج إلى البيان فظهر أن المتبادر من الفاسق هو الفاسق بحسب نفس الامر انتهى وفيه مالا يخفى من الاشتباه بين النسبة الخبرية المصرحة واللازمة للنسبة التقييدية الحاصلة في كل واحد من المحكوم عليه والمحكوم به بالنسبة إلى ذاتهما والوصف العنواني الثابت لهما فإن معنى قولنا زيد صالح ان ما هو زيد في الواقع صالح في الواقع وكلمة في الواقع في الموضعين قيد لطرفي النسبة والمراد بالواقع هنا
(٤٦٠)