لتخصيص القوم بالمقلدين وهو أيضا مجاز نعم يمكن أن يدعى أن المتبادر من الفهم والانذار هو الفتوى لا نقل الخبر فتأمل هذا كله مبني على المشهور في تفسير الآية وأما على التفسير الاخر وهو أن يكون المراد بالطوائف المجاهدين وأن يكون التفقه واجبا على المتخلفين فيمكن توجيه الاستدلال أيضا بملاحظة ما سبق كما لا يخفى الثالث قوله تعالى والذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى الآية فان المنقول من النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم الصلاة والسلام أيضا من الهدي ويظهر وجه الاستدلال مما بينا سابا من التبادر فإن الظاهر من وجوب إظهاره أنه يجب على السامع الامتثال به فتأمل الرابع اشتهار العمل بخبر الواحد في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وعمل الصحابة عليه من غير نكير وذكر الخاصة والعامة وقائع كثيرة ذكروا فيها عمل الصحابة به يحصل من مجموعها العلم باتفاقهم الكاشف عن رضاه صلى الله عليه وآله بل كان صلى الله عليه وآله يأمر به ويجوزه حيث كان يرسل والولاة إلى القبائل والأطراف لتعليم الاحكام بدون اعتبار عدد التواتر وكذلك أصحاب الأئمة عليهم السلام ومن يليهم من أصحابنا القدماء كان طريقتهم رواية أخبار الآحاد وتدوينها وضبطها والتعرض لحال رجالها وتوثيقها وتضعيفها وتقرير الأئمة عليهم السلام على ذلك بل أمرهم بالعمل بها كما يستفاد من تتبع أخبار كثيرة لا نطيل بذكرها فليراجعها من أرادها في مظانها بل من الواضح الجلي الذي لا يقبل الانكار أن كل واتحد من أصحاب الأئمة عليهم السلام المترددين عندهم السائلين عنهم كانوا يأخذون الخبر وينقلون إلى غيرهم العلم ولم يكن يحصل بخبر كل واحد منهم العلم للسامع ومع ذلك كان أئمتهم عليهم السلام مطلعين على طريقتهم ويقررونهم على ذلك واحتمال أن كل ذلك كان من القرائن المفيدة للعلم مما يأباه العقل السليم والفهم المستقيم فحصل من جميع ما ذكرنا أن إطباقهم على هذه الطريقة من غير نكير منهم إجماع منهم على الجواز فيدل عليه الاجماع وتقرير المعصوم عليه السلام بل أمره وصرح بالاجماع الشيخ في العدة حيث قال و اما ما اخترته من المذهب فهو أن خبر الواحد إذا كان من طريق أصحابنا القائلين بالإمامة وكان ذلك مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله أو أحد من الأئمة عليهم السلام وكان ممن لا يطعن في روايته ويكون سديدا في نقله ولم تكن هناك قرينة تدل على صحة ما تضمنه الخبر لأنه إذا كان هناك قرينة تدل على ذلك كان الاعتبار بالقرينة وكان ذلك موجبا للعلم ونحن نذكر القرائن فيما بعد جاز العمل به والذي يدل على ذلك إجماع الفرقة المحقة فإني وجدتها مجمعة على العمل بهذه الاخبار التي أوردوها في تصانيفهم ودونوها في أصولهم لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعونه حتى أن واحدا
(٤٣٨)