الآيتين وأما الاجماع فلم يثبت إلا في الصدر الأول ولا معنى حينئذ للتمسك بعدم القول بالفصل لاحد شطري الاجماع المركب إذ تحقق ذلك الشطر حينئذ إنما هو بهذا الاجماع البسيط ولم يتحقق إلا في هذا القدر فليفهم ذلك وبالجملة عدم إمكان القطع في الفقه في أمثال زماننا غالبا مما لا يجوز إنكاره في غير الضروريات والضروريات لا تكفينا كما أشرنا وأيضا العمل بالتوقف أو الفتوى أيضا يحتاج إلى دليل يفيد القطع فإن تمسكوا فيه بالاخبار الدالة على ذلك عند عدم العلم فمع أن تلك الأخبار لا يفيد القطع كما بينا لعدم تواترها معارضة بما دل على أصالة البراءة ولزوم العسر والحرج ولو فرض ترجيح تلك الأخبار عليها فلا ريب أنه ترجيح ظني أيضا مع أنه قد لا يمكن الاحتياط في العمل ولا التوقف كما لو دار المال بين شخصين ولا يقتضي الاحتياط إعطائه بأحدهما دون الاخر أو كان بين يتيمين فإن قلت إنا لا نتعرض للمال في العمل ولا نحكم به لأحدهما في الفتوى قلت إبقائه قد يوجب التلف فيكف تجتري بأن تقول إن الله تعالى يرضى عنك بذلك وأي شئ دلك على أن دليل هذا العمل قطعي وأنه لا يجوز العمل على مقتضى الظن الحاصل للمجتهد فترك الفتوى وترك العمل أيضا يحتاج إلى الدليل فلعل الله يعذبك على عدم الاعتناء وحرمة العمل بالظن لم يثبت من أدلتها بحيث يوازي الضرر المظنون في إتلاف مال اليتيم وتعطيل الامر والتزام العسر والحرج فلنأت بمثال من جهة التقريب فنقول ان المشهور بين أصحابنا أن لكل من أولاد الابن وأولاد البنت من مال جدهما نصيب من يتقربان به فالثلثان لأولاد الابن والثلث لأولاد البنت خلافا للسيد رحمه الله ومن تبعه حيث يجعلون الجميع مقام أولاد الجد فيقسمون بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ثم المشهور بعدم اعتبار الفرق بين أولاد الابن وأولاد البنت يجعلون حصة كل واحد من الفريقين بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ولا دليل لهم ظاهرا إلا الشهرة فإن جعلنا الشهرة حجة فهو وإلا فلا بد أن يوقف المال ويهلك الأيتام من الجوع والتمسك بالأخبار الواردة في أن كل رحم يرث نصيب من يتقرب به لا يعطى إلا أن لكل واحد من الفريقين نصيب والدهم ولا يعطى كيفية القسمة بينهم بأنفسهم والعمل بعموم آية يوصيكم الله في أولادكم كما ذهب إليه السيد ومن تبعه فمع أنه يوجب الرجوع إلى قول السيد في الأصل وأنه في نفسه ممنوع لكون الأولاد حقيقة في ولد الصلب إنما هو ظاهر آية ولا حجة فيه عندهم فلا بد للأخباريين هنا من بيان دليل قطعي على جواز التوقف والاحتياط وإرشادهم إيانا سبيل الاحتياط إذا كان الفريقان كلاهما أيتاما صغارا فقارا لا حيلة لهم في المعيشة إلا أخذ مالهم وبالجملة من سلك سبيل الفقه واطلع على أحكامه وعاشر الناس ولاحظ وقايعهم المختلفة ومقتضياتهم المتناقضة
(٤٤٥)