البينة أنه رجل أو امرأة أو واحد أو متعدد أو يشترط فيه العدالة أو لا وإن العدالة أي شئ وبأي شئ تثبت وإن الحكم أي شئ إلى غير ذلك مما لا يحصل للفقيه إلا باستعمال الظنون كما لا يخفى على من ارتبط بالفقه قليلا فضلا عن المتدرب فيه وهكذا جميع أبواب الفقه من العبادات والمعاملات والاحكام فمن قال أنه يمكن الاعتماد على ما علم ضرورة أو بالاجماع في تحصيل الفقه فقد تغافل ولعله هنا في مقام المجادلة والتدقيق في نفس الدليل وأنت خبير بأنه لا وجه له وأما ثانيا فلان قوله بل لان العقل يحكم بأنه لا يثبت تكليف علينا إلخ هذا أول الكلام لان حكم العقل إما أن يريد به الحكم القطعي أو الظني فإن كان الأول فدعوى كون مقتضى أصل البراءة قطعيا أول الكلام كما لا يخفى على من لاحظ أدلة المثبتين والنافين من العقل والنقل سلمنا كونه قطعيا في الجملة لكن المسلم إنما هو قبل ورود الشرع وأما بعد ورود الشرع فالعلم بأن فيه أحكاما إجمالية بعنوان اليقين (يثبطنا)؟
عن الحكم بالعدم قطعا كما لا يخفى سلمنا ذلك أيضا ولكن لا نسلم حصول القطع بعد ورود مثل الخبر الواحد الصحيح في خلافه وإن أراد الحكم الظني كما يشعر به كلامه أيضا سواء كان بسبب كونه بذاته مفيدا للظن أو من جهة استصحاب الحالة السابقة فهو أيضا ظن مستفاد من ظواهر الآيات والاخبار التي لم يثبت حجيتها بالخصوص مع أنه ممنوع بعد ورود الشرع ثم بعد ورود الخبر إذا حصل من خبر الواحد ظن أقوى منه وأما ثالثا فلان قوله ويؤكد ذلك إلخ يرد عليه أنها عمومات لا تفيد إلا الظن وإن كان سندها قطعيا بل هي ظاهرة في غير الفروع وشمول عموم ما دل على حجية ظاهر القرآن لما نحن فيه ممنوع لأنه إن كان هو الاجماع ففيما نحن فيه أول الكلام وإن كان غيره فهو ليس إلا الظنون الحاصلة من الاخبار وإن فرض التواتر في تلك الأخبار فقد مر الكلام في الاستدلال بها وأما رابعا فلان قوله إذ نحكم بجواز تركه بمقتضى الأصل إلخ فيه أن ذلك لا ينطبق على مدعاه إذ المفروض أن رجحان غسل الجمعة يقيني ولكنه مردد بين الوجوب والاستحباب لا ثالث لهما وما ذكره من الحكم بجواز الترك وأصل البراءة إن أراد نفي الوجوب مع عدم الحكم بالاستحباب فهو لا يلائم ما (ثبت)؟
يقينا من الشرع وإن أراد إثبات الاستحباب فهو ليس إلا معنى ترجيح أحاديث الاستحباب على أحاديث الوجوب بسبب الاعتضاد بالأصل وأما الحكم بسبب الأصل إن الرجحان الثابت بالاجماع والضرورة لا بد أن يكون هو الرجحان الاستحبابي دون الوجوبي فهو لا يتم إلا بترجيح أصل البراءة على الاحتياط وهو موقوف على حجية هذا الظن وبالجملة الجنس لا بقاء له بدون الفصل والثابت من الشرع أحد الامرين وأصل البراءة لا ينفي إلا المنع عن الترك وعلى فرض أن يكون الرجحان الثابت بالاجماع هو