وهو المستفاد من الاجماع الذي نقلناه وأما حجية ما يفهم من لفظ الخبر والظن الحاصل من جهة دلالته وإن هذا المظنون هو المراد أو غيره مع تفاوت ذلك بسبب إفهام الناظرين والمعاصرين للأئمة عليهم السلام والمتباعدين فهو يحتاج إلى دليل آخر من إجماع عليه حجية أمثال هذه الظنون أو غيره من الأدلة التي تدل على حجية ظن المجتهد في أمثال زماننا فهذه الأدلة دلالتها على حجية خبر الواحد ليس من حيث أنه خبر الواحد ولا تشمل جميع الأزمان والأوقات بل إنما تتم في أمثال زماننا وتدل على حجية مطلق الظن وهي حقيقة أدلة على جواز عمل المجتهد بالظن إلا ما أخرجه الدليل في مقابل قول من لا يجوز العمل إلا باليقين أو الظن الذي ثبت فيه الرخصة من الشارع والأول أشهر وأظهر بل الظاهر من طريقة الفقهاء هو الأول ولعل وجه نزاعهم في خبر الواحد واستدلالهم على حدة إنما هو لأجل إثبات حجيته بذاته من قبل الشارع ليتم حجيته في زمان إمكان العلم أيضا و لأجل دفع توهم حرمة العمل به خصوصا كالقياس لأجل ما ادعاه السيد رحمه الله من الاجماع على الحرمة كما سيجئ وإلا فهذه الأدلة على جواز العمل بالظن عند الاضطرار يكفيهم بجواز العمل بخبر الواحد و كذلك استدلالهم في حجية ظواهر الكتاب لدفع ما توهمه الأخباريون من المنع وعلى هذا فقس سائر المقاسات التي استدلوا على حجيتها بالخصوص من القياس المنصوص العلة أو مفهوم الموافقة واستصحاب حال الشرع وغيرها والأدلة على ذلك من وجوه وأنت إذا تأملتها تقدر على استنباط حجية خبر الواحد منها الأول إن باب العلم القطعي في الأحكام الشرعية منسد في أمثال زماننا في غير الضروريات غالبا ولا ريب إنا مشاركون لأهل زمان المعصومين عليهم السلام في التكاليف وليس في غير ما علم ضرورة أو إجماعا أو حكم به العقل القاطع ما يدل على الحكم باليقين فإن الكتاب بنفسه لا يفيد إلا الظن وكذلك أصل البراءة والضرورة والاجماع والعقل القاطع لا يثبت به شئ ينفعنا في الفقه غالبا بل هي إنما تثبت بعض الأحكام إجمالا ولا يحصل منها التفصيلات وعلى هذا فينحصر الامتثال في العمل بالظن وإلا لزم التكليف بما لا يطاق ويندرج في ذلك الظن الحاصل من الخبر الواحد فإنه لا فارق بين أفراد الظن من حيث هو فإذا حصل منه ظن أقوى من غيره فيجب متابعته بل لا معنى حينئذ لكونه أقوى بل الظن إنما هو من جهته وملاحظة القوة والضعف إنما هو بملاحظة كل منهما على حدة لا مجتمعا وقد أورد على ذلك بأن انسداد باب العلم لا يوجب العمل بالظن من حيث أنه ظن لأنه يجوز أن يعتبر الشارع ظنونا مخصوصة بخصوصها لا من حيث أنها ظن كظاهر الكتاب وأصل البراءة لا لأنهما ظن بل للاجماع على حجيتهما وفيه أن حجية ظواهر الكتاب
(٤٤٠)