من حيث الخصوص بعد تسليم معلوميته مطلقا لا يثبت إلا أقل قليل من الاحكام كما لا يخفى على المطلع و الاجماع على أصالة البراءة فيما ورد في خلافه خبر الواحد أول الكلام إن لم ندع الاجماع على خلافه و قد أورد على هذا الدليل أيضا أن انسداد باب العلم بالأحكام الشرعية غالبا لا يوجب جواز العمل بالظن فيها حتى يتجه ما ذكره لجواز أن لا يجوز العمل بالظن فكل حكم حصل العلم به من ضرورة أو إجماع نحكم به وما لم يحصل العلم به نحكم فيه بأصالة البراءة لا لكونها مفيدة للظن ولا للاجماع على وجوب التمسك بها بل لان العقل يحكم بأنه لا يثبت تكليف علينا إلا بالعلم به أو ظن يقوم على اعتباره دليل يفيد العلم ففيما انتفى الأمران فيه يحكم العقل ببرائة الذمة عنه وعدم جواز العقاب على تركه لا لان الأصل المذكور يفيد ظنا بمقتضاها حتى يعارض بالظن الحاصل من أخبار الآحاد بخلافها بل لما ذكرنا من حكم العقل بعدم لزوم شئ علينا ما لم يحصل العلم لنا به ولا يكفي الظن به ويؤكد ذلك ما ورد من النهي عن اتباع الظن وعلى هذا ففيما لم يحصل العلم به على أحد الوجهين وكان لنا مندوحة عنه لغسل الجمعة مثلا فالخطب سهل إذ نحكم بجواز تركه بمقتضى الأصل المذكور وأما فيما لم تكن مندوحة عنه كالجهر بالتسمية والاخفات بها في الصلوات الاخفاتية التي قال بوجوب كل منهما قوم ولا يمكن لنا ترك التسمية في محيد لنا عن الاتيان بأحدهما فنحكم بالتخيير فيهما لثبوت وجوب أصل التسمية وعدم ثبوت خصوص الجهر أو الاخفات فلا حرج لنا في فعل شئ منهما وعلى هذا فلا يتم الدليل المذكور لأنا لا نعمل بالظن أصلا أقول وفيه نظر من وجوه أما أولا فلان قوله وما لم يحصل العلم به نحكم فيه إلخ أن أراد منه عدم حصول العلم الاجمالي أيضا فهو كذلك لكنه خلاف المفروض وإن أراد منه عدم حصول العلم التفصيلي ففيه أن عدم العلم التفصيلي لا يوجب البراءة مع ثبوت التكليف بالمجمل سيما مع التمكن بالاتيان به بأن يأتي بالمحتملات بحسب القدرة والاستطاعة فإن قيل لا نسلم العلم الاجمالي بالتكليف بغير الضروريات في أمثال زماننا بل إنما تكليفنا هو العمل بالضروريات واليقينيات قلنا التكليف بغير الضروريات يقيني فإنا نعلم بالضرورة إن في الصلاة واجبات كثيرة علينا غير ما علم منها ضرورة مثل وجوبها أو مطلق مسمى الركوع والسجود أيضا مع أنا لا يمكننا معرفة تلك التفصيلات إلا بالظنون وأيضا الضروريات أمور إجمالية غالبا لا يمكن الامتثال بها إلا بما يفصلها فالحكم بين المسلمين وقطع الدعاوي ثبت وجوبه مثلا بالضرورة أو بالاجماع لكن معرفة كيفية ذلك يحتاج إلى الظنون التي يشتمل عليها كتب الفقهاء غاية الامر حصول القطع في كيفيته بأن البينة للمدعي واليمين على من أنكر لكن معرفة حقيقة المدعي والمنكر والتمييز بينهما ومعرفة معنى
(٤٤١)