وترك للعرف والعادة بمجرد كون احتمال السالبة منتفية الموضوع ولا ريب أنه مجاز لا يصار إليه وقسمة المنطقيين السالبة إلى الموجود الموضوع المنتفي الموضوع لا توجب كونه معنى حقيقيا لها أو عرفيا والكتاب والسنة إنما وردا على مصطلح أهل اللغة والعرف ولا مصطلح أهل الميزان فالاعتماد على مفهوم الوصف فإنا وإن لم نقل بحجيته في نفسه لكنه قد يصير حجة بانضمام قرينة المقام كما أشرنا إليه في مباحث المفاهيم وعلى فرض إمكان تصوير مفهوم الشرط في هذا الكلام فلا يخفى أن حجية مثل هذا المفهوم الوصفي أوضح من حجية هذا الفرد من المفهوم الشرطي نعم لو جعل معنى الآية إن كان المنبئ فاسقا فتبينوا لصار ذلك من باب مفهوم الشرط وهو خلاف الظاهر وكيف كان فنتيجة الاستدلال بالآية والخدشة في الاستدلال بأن المفهوم نفي وجوب التبين وهو لا يدل إلا على جواز العمل والمقصود إثبات الوجوب لا وجه لها لما أشرنا إليه من معنى الجواز ولعدم القائل بالفصل فمن قال بالجواز قال بالوجوب وسيجئ تمام الكلام ثم إن هذا الاستدلال إنما ينهض على من جوز العمل بالمفاهيم وبالظن الحاصل من الظواهر في مسائل الأصول وقد عرفت في المباحث السالفة التحقيق فيهما وستعرف في الثاني أيضا واعترض أيضا بأن سبب نزول الآية أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث وليد بن عتبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق مصدقا فلما جاء إلى ديارهم ركبوا مستقبلين فحسبهم مقاتليه فرجع وأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بأنهم ارتدوا فنزلت الآية وأيضا التعليل بقوله أن تصيبوا إلخ إنما يجري فيه وفي مثله لا مطلق الخر والمقصود إثبات حجية مطلق الخبر والأول مردود بما حققنا سابقا من أن العبرة بعموم اللفظ ولفظ فاسق وبنبأ ينزلان على العموم كما لا يخفى إذ لو كان المراد الخصوص لناسب العهد والتعريف باللام والثاني بأن التعليل لبيان أن خبر الفاسق معرض لمثل هذه المفسدة العظمى لا أنه كذلك مطلقا وفي جميع الافراد وذلك لا يوجب اختصاص التبين بمثل هذه الواقعة مع أن ذلك أيضا يفيد المطلوب إذ مفهومه يقتضي عدم التثبت في مثل هذه الواقعة وغيرها لخبر العادل عملا بالعلة المنصوصة في المنطوق وقد يعترض أيضا بأن العمل بخبر العدل لا يصح في مورد نزول الآية لعدم جواز العمل بخبر العدل الواحد في الارتداد فلا يدل على حجية خبر العدل مطلقا فعلى هذا فالنكتة في ذكر الفاسق التنبيه على فسق الوليد وتعييره عليه وإلا فكان يكفي أن يقول إن جائكم أحد ونحوه وفيه أن عدم جواز العمل بخبر العدل في الردة لا يضر بحجية المفهوم لامكان التخصيص يعني إخراج المورد عن عام المفهوم بدليل خارجي والمناسب للتعيير حينئذ هو التعريف والعهد فالعدول عنه بعد ترك ذكر مثل أحد ونحوه يدل على أن ذلك من جهة اعتبار المفهوم مع أن عدم قبول خبر العدل الواحد في الردة إنما هو إذا لم ينضم إليه آخر بخلاف خبر الفاسق فإنه لا يقبل أصلا فكأنه أريد أن جائكم فاسق
(٤٣٤)