التي يذكرون في هذا الباب من باب الثاني لا الأول وكم من فرق بينهما ورابعا إن الكذب يجوز على كل واحد من الآحاد فيجوز على الجميع لأنه عبارة عن الآحاد وفيه منع اتحاد حكم المجموع مع الآحاد فإن العسكر يفتح البلاد ويظفر ولا يتمشى ذلك من كل واحد والعشرة من حكمها ان الواحد جزئها بخلاف الواحد فلا يلزم من حصول العلم من اخبار الجميع بسبب التعاضد والتقوى حصوله من كل واحد وذكروا غير ذلك أيضا من الشبه الواهية الظاهرة الدفع مع أنها تشكيكات في مقابلة الضرورة فلا يستحق الجواب كالشبه السوفسطائية المنكرين للحسيات فإن غاية مراتب الجواب الضرورة وهم ينكرونها و لهم شبهتان أخريان إنما تردان على من قال بأن العلم الحاصل من التواتر ضروري كما هو المشهور وهو أنه لو حصل العلم به بالضرورة لما فرقنا بينه وبين سائر الضروريات واللازم باطل لأنا نفرق بين وجود الإسكندر وكون الواحد نصف الاثنين وانه لو كان ضروريا لما اختلف فيه ونحن لكم مخالفون وفيهما مع أنهما لا يردان إلا على القول بكون العلم به ضروريا لا مطلقا أنه يرد على الأول أن الفرق إنما هو من جهة تفاوت الضروريات في حصول العلم من جهة كثرة المؤانسة ببعضها دون بعض وعلى الثاني أن الضرورة لا تستلزم عدم المخالف كما نشاهد في السوفسطائية وإنما هو من جهة بهت وعناد تنبيهات الأول انهم اختلفوا في كيفية العلم الحاصل بالتواتر فالمشهور أنه ضروري وقال الكعبي وأبو الحسين والجويني وإمام الحرمين أنه نظري وعن الغزالي الميل إلى الواسطة وذهب السيد رحمه الله إلى التوقف في موضع وإلى التفصيل في موضع آخر وارتضاه الشيخ في العدة والأقرب عندي القول بالتفصيل احتج المشهور بأنه لو كان نظريا لتوقف على توسط المقدمتين واللازم منتف لأنا نعلم علما قطعيا بالمتواترات مثل وجود مكة وهند وغيرهما مع انتفاء ذلك وأيضا لو كان نظريا لما حصل لمن لا قدرة له على النظر كالعوام والصبيان وأيضا يلزم أن لا يعلمه من ترك النظر قصدا إذ كل علم نظري فإن العالم به يجد نفسه أولا شاكا ثم طالبا ونحن لا نجد أنفسنا طالبين لوجود مكة ويمكن دفع الأول بأنا نمنع عدم الاحتياج إلى توسط المقدمتين في المتواترات مطلقا نعم يتم فيما حصل القطع من جهة التواتر اضطرارا فإن المتواترات على قسمين قسم منها ما يحصل بعد حصول مباديها اضطرارا وبدون الكسب كالمشاهدات وضروريات الدين ووجود مكة وهند وأمثال ذلك و منها ما هو مسبوق بالكسب كالمسائل العلمية التي لا بد أن يحصل التتبع فيه من جهة ملاحظة الكتب وملاقاة أهل العلم والاستماع منهم أصولية كانت وفروعية ولا ريب أن التتبع واستماع الخبر يتدرج في حصول الرجحان في النظر إلى حيث يشرف المتتبع على حصول العلم فيلاحظ حينئذ المقدمات من كون هذه
(٤٢٢)