فبعد ملاحظة المجموع يحصل العلم بأن مثل ذلك الاجتماع ناش عن ملكة نفسانية هي الشجاعة وليس ذلك بمحض الاتفاق أو مع الجبن أو لأجل القصاص ونحو ذلك وكذلك في قصة الجود والقدر المشترك الحاصل من تلك الوقائع على النهج السابق هو كلي القتل والاعطاء وهو لا يفيد الشجاعة ولا الجود ولكن الحاصل من ملاحظة المجموع من حيث المجموع هو الملكتان ولعل من جعل الجود من باب الدلالة التضمنية غفل عن هذا واختلط عليه الفرق بينت الجود والعطاء ولعل كلام العضدي ناظر إلى هذا الوجه حيث قال واعلم أن الواقعة الواحدة لا تتضمن السخاوة ولا الشجاعة بل القدر المشترك الحاصل من الجزئيات ذلك وهو المتواتر لا لان آحادها صدق قطعا بل بالعادة انتهى والظاهر أنه فرض المقام خاليا عن وجه يدل على الشجاعة بالالتزام ومع هذا الفرض فالامر كما ذكره من عدم دلالة كل واحد من الوقائع على الشجاعة والسخاوة ولذلك قال بل القدر المشترك الحاصل من الجزئيات يعني الحاصل من ملاحظة مجموع الجزئيات لا كل واحد منها هو الشجاعة والسخاوة لإفادتها بكثرتها الملكة النفسانية وأما قوله لا لان آحادها صدق يعني أن المتواتر في سائر الأقسام لا ينفك عن صدق الآحاد بناء على المشهور في معنى الصدق بلا شبهة وإن كان من جهة الدلالة الالتزامية الحاصلة مع كل منها أو التضمنية الحاصلة مع كل منها كما في الصورتين السابقتين وأما في ذلك فلا يستلزم صدق واحد من الوقائع فضلا عن جميعها ولكن بالعادة يحصل العلم بالقدر المشترك يعني ما هو قدر مشترك في كونه لازما لها وهو الشجاعة والسخاوة من سماع تلك الواقعات وإن لم يحكم العقل بصدق واحد من الواقعات بعنوان القطع إذ لا مشترك بينها في الدلالة حينئذ والقدر المشترك إنما يحصل من جميعها هذا ويظهر من العضدي في هذا المقام أنه حصر المتواتر المعنوي في الوجه الثاني من الوجهين ومقتضاه أنه يحصل بمجموع الآحاد الدلالة على القدر المشترك بعنوان القطع لا ان الدلالة كانت حاصلة في كل من الآحاد ولكن القطع حصل بمجموعها وإلا فكان اللازم عليه أن ينبه على أن ذلك مناقشة في المثال مع أن المثال الذي ذكروه قابل لكلا الوجهين كما عرفت وإدخال الوجه الأول تحت المتواتر اللفظي وكذا بعض ما تقدمه من الأقسام مشكل وعلى هذا فجميع أقسام المتواتر يجمعها قسمان أحدهما أن يدل آحاد الاخبار على شئ يوجب كثرتها مع دلالتها على ذلك الشئ القطع بحصول ذلك الشئ وذلك هو ما عدى الوجه الثاني من القسم السادس من الأقسام والثاني أن يحصل من مجموع آحاد متكثرة الدلالة على شئ وكانت مقطوعا بها ويمكن أن يمثل للوجه الثاني بالاخبار التي وردت في نجاسة الماء القليل بالخصوصيات المعينة من جهة النجاسة ومن جهة الماء معا فإن
(٤٢٨)